الباب الثاني
في حقيقة الانشاء وتقسيمه
الإنشاء لغة : الإيجاد ، واصطلاحاً : كلامٌ لا يحتمل صدقاً ولا كذباً لذاته (١) نحو اغفر وارحم ، فلا ينسب إلى قائله صدق أو كذب وإن شئت فقل في تعريف الإنشاء «وهو ما لا يحصل مضمونه ولا يتحقق إلا تلفظت به» فطلب الفعل في «افعل» وطلب الكف في «لا تفعل» وطلب المحبوب في «التمني» وطلب الفهم في «الاستفهام» وطلب الاقبال في «النداء» كل ذلك ما حصل إلا بنفس الصيغ المتلفظ بها.
وينقسم الانشاء إلى نوعين : انشاء طلبي ، وانشاء غير طلبي.
فالانشاء غير الطلبي : ما لا يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب ، ويكون : بصيغ المدح ، والذم ، وصيغ العقود ، والقسم ، والتعجب والرجاء ، وكذا يكون بربَّ ولعلَّ ، وكم الخبرية.
(١) أما المدح والذم فيكونان : بنعم وبئس ، وما جرى مجراهما نحو حبذا ، والأفعال المحوّلة إلى فعل نحو طاب عليٌّ نفساً ، وخبث بكر أصلاً.
(٢) وأما العقود : فتكون بالماضي كثيراً ، نحو بعتُ واشتريتُ ووهبتُ ، وأعتقتُ وبغيره قليلا ، نحو أنا بائع ، وعبدي حرٌ لوجه الله تعالى.
__________________
(١) أي : بقطع النظر عما يستلزمه الانشاء ، فان اغفر ، يستلزم خبرا وهو أنا طالب المغفرة منك وكذا لا تكسل ، يستلزم خبرا ، وهو انا طالب عدم كسلك ، لكن كل هذا ليس لذاته.