المبحث الرابع
في التمني
التمني هو طلب الشيء المحبوب الذي لا يُرجى ، ولا يتوقَّع حصوله.
(١) إما لكونه مستحيلا كقوله :
ألا ليتَ الشبّابَ يعودُ يوما |
|
فأخبَره بما فعلَ المشيبُ |
(٢) وإمّا لكونه ممكناً غير مطموعٍ في نيله كقوله تعالى : (ياليت لنا مثل ما أوتي قارون). وإذا كان الأمرُ المحبوبُ ممّا يرجى حصوله كان طلبه ترجياً وبعبر فيه بعسى ، ولعل كقوله تعالى : (لعل الله يُحدثُ بعدَ ذلك أمراً) و (عسى الله أن يأتي بالفتح).
وقد تستعل في الترجي ليت لغرض بلاغي (١).
وللتمني أربع أدوات واحدةٌ أصلية وهي ليتَ.
وثلاث عيرُ اصلية نائبة عنها ، ويتمنى بها لغرض بلاغي : وهي :
(١) هل (٢) كقوله تعالى : (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا) (٣).
(٢) ولو (٤) ، كقوله تعالى : (فلو أن لنا كرةً فنكون من المؤمنين).
__________________
(١) الغرض هو إبراز المرجو في صورة المستحيل مبالغة في بعد نيله نحو :
فا ليت ما بيني وبين أحبتي |
|
من البعد ما بيني وبين المصائب |
وقد تستعمل أيضاً للتندم نحو (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا).
(٢) اعلم أن سبب العدول عن ليت إلى «هل» إبراز المتمنى لكمال العناية به في صورة الممكن الذي لا يجزم بانتفائه ، وهو المستفهم عنه.
(٣) لما كان عدم الشفاء معلوما لهم امتنع حقيقة الاستفهام ، وتولد منه التمني المناسب للمقام.
(٤) وسبب العدول إلى «لو» الدلالة على عزة متمناه وندرته ، حيث أبرزه في صورة الذي لا يوجد ، لأن «لو» تدل بأصل وضعها على امتناع الجواب لامتناع الشرط.