الأب ، والله أعلم .. (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) فنهى سبحانه عن قتل النفس منعا باتّا واستثنى ما يجب فيه إقامة الحد بالحق كالقصاص والقود ، وقتل المرتدّ ، ورجم المحصن (ذلِكُمْ) إشارة إلى موارد جواز القتل مما ذكرناه (وَصَّاكُمْ بِهِ) لتحفظوه (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) يعني لكي تفهموا ما أوصاكم به فلا تضيعوا عن وصية ربّكم جلّ وعلا ولتعملوا وفق أوامره وحلاله وحرامه.
١٥٢ ـ (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...) حرّم سبحانه القرب من مال اليتيم أي التصرّف به إلّا في الوجوه الذي تحفظه لصاحبه وتنمية ، وبأحسن وجوه التصرّف ، وكما يحفظ الإنسان ماله ودراهمه ودنانيره ، ليبقى المال مرصودا لليتيم (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) أي حتى يقوى ويكمل عقله ويحتلم. وكلمة : أشدّه جمع شدّ أو شدّة ، والأنسب كونها مفردة وهي تعني القوّة والبلوغ (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) وأوفوا أي : زيدوا ولا تنقصوا ، والقسط هو العدل والتسوية دون النقصان والتخسير (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) أي أنه تعالى لم يطلب من العبد إلّا الحدّ الذي يسعه ولا يعسر عليه ، بل يطيقه. ومن المؤكّد أن مراعاة العدل الواقعي في إيفاء حقه تعالى ـ أو أي حق ـ متعسرة ، فلم يطلب إلّا ما في الوسع وهو يعفو عمّا سواه (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) فقد طلب إجراء قاعدة العدل والإنصاف في القول ، في الخصومة والحكومة وفي كل مقام (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) أي ولو كان قولكم لمصلحة أحد أقربائكم أو عليه ، فاشهدوا بالحق ولا تقولوا إلّا الصدق (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) أي بما عهد إليكم ممّا أوجبه عليكم فأدّوه كاملا كما طلبه منكم (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي لأجل أن تتّعظوا بما وصّاكم به ولا تنسوا وصية الله سبحانه وتعالى.
١٥٣ ـ (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً ...) أي أن طريقه الذي أشار إليه سبحانه هو الطريق العدل المؤدي إلى ما فيه الرشاد ، ذهابا من إثبات وحدانيّته تعالى إلى النبوّة فسائر موادّ الشريعة السمحة (فَاتَّبِعُوهُ) أي فاسلكوه لأنه لائق بالاتّباع والاهتداء به إلى الحقائق من أقرب الطّرق