٨ ـ (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا ...) أي كيف يكون لهم عهد ، وكيف لا تقتلونهم ـ وهنا حذف هذا تقديره ـ وهم إذا ظهروا : أي علوا عليكم وغلبوكم ، لا يرقبوا : لا يحافظوا ولا يراعوا فيكم إلّا : أي عهدا ، قال الشاعر :
وجدناهم كاذبا إلّهم |
|
وذو الإلّ والعهد لا يكذب |
وقيل إن الإلّ هو القرابة و «الذّمّة» العهد ، قال حسان :
لعمرك إنّ إلّك من قريش |
|
كإلّ السّقب من رأل النعام |
فأين تذهبون وحالهم معكم هكذا وهم (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ) أي يتكلّمون كلام الموالين المحبّين لترضوا عنهم (وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) ترفض كل شيء إلّا عداوتكم (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) ممعنون في الشّرك والعناد والتمرد والكفر.
٩ ـ (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً ...) يعني أنهم أعرضوا عن حجج الله تعالى وبيّناته ودلائله ومنعوا الناس من الإيمان راضين بيسير ممّا نالوه من الدنيا. والاشتراء هو استبدال السلعة بالمال أو بغيرها وعكسه البيع. وقد نزلت هذه الآية الشريفة بقوم من العرب جمعهم أبو سفيان على الطعام ليؤجج صدورهم بعداوة النبيّ (ص) وقيل : إنها في اليهود الذين كانوا يقبضون الرّشى من عوام اليهود لقاء الحكم بالباطل (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي بئس الحكم حكمهم ذاك.
١٠ ـ (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً ...) مرّ تفسيره في الآية السابقة وقد كرّر تأكيدا لصفاتهم الرديئة. وقيل إن الأول في صفة الناكثين للعهود ، والثاني في صفة المشترين بآيات الله ثمنا قليلا (أُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) أي المتجاوزون الحدّ في كفرهم وسيرتهم ومعاملاتهم.
* * *