وغيرهم. وعن حذيفة بن اليمان أنه لم يأت أهل هذه الآية بعد. وقرأ عليّ عليهالسلام هذه الآية يوم البصرة ثم قال : أما والله لقد عهد إليّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال لي : يا عليّ لتقاتلنّ الفئة الناكثة ، والفئة الباغية ، والفئة المارقة (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) أي لا يحفظون عهدهم وقسمهم لأن اليمين هو القسم. وقد قرئ : لا إيمان لهم ، بالكسر ، أي إذا آمنوا إنسانا لا يفون به ، وأنهم كافرون لا إيمان لهم ، والأول أقرب للصواب لأن الكلام عن العهود والمواثيق كما لا يخفى على الحاذق. فقاتلوا هؤلاء الكفرة (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) أي لكي يمتنعوا عن الكفر وينهوه من صدورهم بقتالكم إياهم لينجلي لهم الحق. أما كيف قال سبحانه : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) ، ثم قال : إنهم لا أيمان لهم ، ويكف أثبتها ونفاها في آية واحدة ، فذلك أنه أثبت أيمانهم وما حلفوا به وعقدوا العزم عليه ، ثم نفى الأيمان بعد ذلك لأنهم لم يتمسّكوا بها.
١٣ ـ (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ ...) هذا استفهام يراد به التحضيض ـ والألف للاستفهام ـ أي هلّا تقاتلون ناكثي الأيمان وناقضي العهود ، وهم اليهود الذين خرجوا مع الأحزاب (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) من المدينة كما أخرجه كفّار مكة من مكة المكرّمة (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) بنقض العهود وبالقتال (أَتَخْشَوْنَهُمْ) أي أتخافونهم وتحذرون أن يصيبكم ما تكرهون بقتالهم؟ وهو استفهام أراد به سبحانه تشجيع المؤمنين على جهادهم ، وهو في منتهى البلاغة والفصاحة لأنه جمع بين السؤال والاستهجان والتقريع والتشجيع (فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) أجدر بالخوف من المؤاخذة والأخذ بالعقاب بسبب ترك أمره (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي إذا كنتم مصدّقين بما جاء من عنده وبثوابه وعقابه.
١٤ ـ (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ ...) هذا أمر منه سبحانه للمؤمنين بقتال المشركين ، ووعد لهم بالنصر عليهم وبشارة بالظفر لأنه جعل جواب الأمر بالقتال والطلب ، جوابا للطلب بأن يعذّبهم بأيدي المؤمنين قتلا وأسرا (وَيُخْزِهِمْ) أي يذلّهم ويبعدهم من رحمته (وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ) يعني :