يعينكم عليهم (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) أي يذهب الغيظ المستكنّ في صدور بعض المؤمنين ممّن نالتهم أذيّة الكفار كبني خزاعة الّذين بيّت عليهم بنو بكر وباغتوهم كما عن مجاهد والسدّي ، وهم كانوا حلفاء النبيّ صلىاللهعليهوآله.
١٥ ـ (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ...) أي يزيل ما كان فيها من الكدر والحزن لكثرة ما نالهم من الأذى والهوان. ويلاحظ أنه سبحانه بعد أن جعل الأفعال كلها في الآية معطوفة على جواب الطلب ومجزومة به من جهة ، وجعلها كلّها حثّا على قتلهم وقتالهم من جهة ثانية ، قد استأنف الكلام فقال : (وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) أي يقبل التوبة ممّن يتوب منهم رحمة منه وكرما (وَاللهُ عَلِيمٌ) بتوبة من يتوب (حَكِيمٌ) في الأمر بقتالهم إذا نكثوا ، وبقبول توبة من تاب ، لأن أفعاله صواب كلها .. وقد قرئ : يتوب بالفتح شاذّا وعلّلوا ذلك بأنه إذا نصب فالتوبة داخلة في جواب الشرط ، وإذا رفع فهو استئناف وتقديره في النّصب : إن تقاتلوهم تكن كل هذه الأشياء التي أحدها التوبة من الله على من يشاء. والاستئناف والرفع أصحّ كما لا يخفى.
* * *
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦) ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧) إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨))