المختلفة أنواعا وأصنافا. وهذا بيان لقدرته الكاملة لأن جميع ما تنبته الأرض يسقى بماء واحد ، ويعطي تلك الأنواع والأصناف التي لا تحصى لأكل الإنسان والحيوان (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً) أي نبتا أخضر غضّا يخرج من الحبة التي تقع في الأرض بعد أن يصل الماء إليها. وهذا النبات الأخضر (نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً) أي يركب بعضه بعضا كالسّنبل في الحنطة والشعير ، وكالذّرة وغيرها (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ) والطّلع هو الحمل الذي يظهر في النخل لتخرج منه قنوان : جمع قنو وهو الكباسة ، أي العذق ، وهو من النخل كالعنقود من العنب ، ودانية : يعني قريبة التناول لا يصعب الحصول عليها. فنحن نخرج ذلك بقدرتنا ، وكذلك أنشأنا (جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ ، وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) جميع هذه الفواكه والنّعم خلقناها وجعلنا بعضها مشتبها وغير متشابه : والّلفظتان : مشتبها ، وغير ، حال من الجميع ، أي أن بعضها يماثل بعضا في الطّعم واللّون والحجم ، وبعضها مغاير له بكل ذلك ولا يماثله فيه (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ) وتأمّلوه تأمّل اعتبار وفكّروا بقدرة من يجعل من الماء والتراب الواحدين هذه الأصناف الكثيرة المختلفة ، فانظروا إليه (إِذا أَثْمَرَ) حين خروج ثمره بحيث يكون في غاية الصغر ولا يستفاد به (وَ) انظروا إلى (يَنْعِهِ) أي نضوجه حين يدرك موسمه ويطيب ويحين قطافه ويصبح ذا نفع ولذة طعم (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ) ففي هذه الظواهر العجيبة معاجز وبراهين تدل على وجود صانع عليم حكيم قادر على كلّ شيء. وهي شواهد قائمة على ذلك (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي يصدّقون. وإنّ من آمن بالله وبرسوله وبالبعث ينتفع بما في القرآن العظيم ، ويراها آيات بيّنات ، وهي تزيد في تعميق إيمانه وترسيخ تصديقه.
* * *
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠)