الأنبياء ببلاء كان ذلك لنقص في عبوديته فأراد هو تعالى أن يكمله لطفا منه عليه بذلك البلاء. وعبده هنا هو محمد صلىاللهعليهوآله (لَيْلاً) ظرف للإسراء ، وفائدته ـ مع ان الإسراء لا يكون الا بالليل ـ هي تقليل مدّة الإسراء وأنّه أسرى به في بعض الليل مسيرة أربعين ليلة. ويدل على التقليل ، التنكير (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) عند أكثر المفسّرين انه أسري به من دار أمّ هاني أخت علي بن أبي طالب (ع) وزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي ، وكان نائما تلك الليلة في بيتها. والمراد بالمسجد الحرام هنا يمكن أن يكون مكة ، ومكة والحرم كلّها مسجد كما قيل. وقيل الإسراء كان من نفس المسجد على ما هو مدلول بعض الأخبار (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) أي بيت المقدس. وإنما قال الأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام ، وليس فيما وراء المسجد الأقصى مسجد (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) أي جعلنا البركة فيما حوله ، على جوانبه وأطرافه ، وهي أرض الشام في الدّين والدّنيا بجعله مقرّ الأنبياء ومهبط الوحي وباحتفافه بالأشجار والأنهار وبالرّفاهية والرخص في الأسعار (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) علّة للإسراء ، أي العجائب والأسرار السّماويّة والأرضيّة وما بينهما.
٢ ـ (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) ... هذا إخبار من الله تعالى لنبيّه صلوات الله عليه ليطلعه على أنبيائه من السّلف وكيفيّة أحوالهم مع أنهم الماضين ، وشرح كتبهم واشتمالها على ما أنزل فيها ، حتى يكون صلوات الله عليه على علم بها ، ومعرفة. (أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً) يحتمل أن يكون (أن) الذي أدغم في (لا) مفسرا لقوله تعالى : هدى ، أي : لا تتخذوا وكيلا ومعتمدا في أموركم غيري. ويمكن أن يكون زائدا و (أَلَّا تَتَّخِذُوا) خطاب من الغيبة على القول المضمر ، والتقدير : وقلنا لا تتخذوا.
٣ ـ (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) ... منصوب على كونه مفعولا ثانيا للفعل (تَتَّخِذُوا) لأنه فعل يتعدّى إلى مفعولين. وإفراد الوكيل باعتبار أنه في معنى الجمع لأن صيغة فعيل يكون لفظها مفردا لكن معناها على الجمع ،