المتأجج بالنار .. وأمّا قصة صاحب جريح فقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أيضا أنه قال : كان عابد له صومعة لا يزال يعبد الله فيها ، وكان اسمه جريح العابد. جاءته يوما أمّه حتى تسلّم عليه وتسأل عن حاله وكان مشغولا بالصلاة ، فنادته : يا جريح ، فما أجابها ، فوقفت مدة حتى يسلّم فطالت صلاته. فذهبت وجاءته في نوبة أخرى فنادته فما أجابها لاشتغاله بالصلاة ، فخرجت من عنده. ثم جاءته مرة ثالثة وكذلك ما أجابها إذ كان يصلّي ، فخرجت وهي ساخطة فدعت عليه وقالت : اللهم لا تمته إلّا أن تبتليه بنسوة فاجرات ينظرن إليه نظر سوء. وكان قرب صومعته راع يرعى أغناما له ، فلمّا أمسى دخل الصومعة واستأنس مع العابد. وفي ليلة من الليالي خرجت من البلد التي فيها الصومعة امرأة بغيّ ، ووصلت إلى قربها ، فجامعها الراعي ، فحملت ، فسألوها عن حملها فقالت : من صاحب الصومعة. فجاء الناس إلى الصومعة وخرّبوها وأخرجوا العابد إلى السلطان. فلمّا عبروا به محلّة النسوان الفاجرات خرجن إلى النظر إليه ، فوقع نظره على المرأة التي اتّهمته ، وعلم أن ذلك كان من أثر دعاء أمّه فتبسّم. فاتّهمه الناس بالزّنى لأنه لم يتبسّم إلّا حين وقع نظره على فاجرات النساء. ولمّا وصل إلى السلطان قال : أيها الملك أين الطفل الذي نسبوه إليّ؟ فأمر الملك بإحضاره ، فخاطبه جريح وقال : أيّها الطفل من أبوك؟ فقال الغلام : فلان الراعي. فتعجّب الناس وظهرت براءة العابد وعرفوا حينئذ أنه من أولياء الله تعالى ، فطلبوا منه أن يعيدوا عمارة الصومعة وأن يذهّبوها فما أجابهم ، ولكنه رضي بأن يعيدوها كما كانت أولا .. (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) مرّ تفسير مثلها وهي من قول عيسى عليهالسلام اعترافا بعبوديّته لله عزوجل وبعبودية جميع النّاس ، وأن ذلك هو الطريق الحق الذي لا يأتيه الباطل.
٣٧ ـ (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) ... أي اختلف اليهود والنصارى الذين آمنوا برسالة عيسى ، أو أنها اختلفت فرق النصارى فيما بينها لأن منها من قال : هو ابن الله ، ومنها من بالغ فقال : هو الله ، ومنها من اعتدل