وقال جمهور الرافضة بإمامة ابنه موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي بن موسى ، ثم علي بن محمد بن علي بن موسى ، ثم الحسن بن علي ، ثم مات الحسن من غير عقب فافترقوا فرقا وثبت جمهورهم على أنه ولد للحسن بن علي ولد فأخفاه ، وقيل بل ولد له بعد موته من جارية له اسمها صقيل وهو الأشهر ، وقال بعضهم بل من جارية له اسمها نرجس ، وقال بعضهم بل من جارية له اسمها سوسن والأظهر عندهم أنها اسمها صقيل ، لأن صقيل هذه ادعت الحمل بعد موت الحسن بن علي سيدها فوقف ميراثه لذلك سبع سنين ونازعها في ذلك أخوه جعفر بن علي وتعصب لها جماعة من أرباب الدولة ، وتعصب لجعفر آخرون ، ثم انفشّ (١) ذلك الحمل وبطل وأخذ الميراث جعفر أخوه ، وكان موت الحسن هذا سنة ستين ومائتين ، وزادت فتنة الروافض بصقيل هذه ودعواها إلى أن حبسها المعتضد بعد نيف وعشرين سنة من موت سيدها ، وقد عير عمر بها أنها في منزل الحسن بن جعفر النوبختي الكاتب فوجدت فيه ، وحملت إلى قصر المعتضد فبقيت هنالك إلى أن ماتت في القصر ، في أيام المقتدر ، فهم إلى اليوم ينتظرون ضالة منذ مائة عام وثمانين عاما.
وكانت طائفة قديمة قد بادت كان رئيسهم المختار بن أبي عبيد وكيسان أبا عمرة وغيرهما يذهبون إلى أن الإمام بعد الحسين ، محمد أخوه المعروف بابن الحنفية ، ومن هذه الطائفة كان السيد الحميري وكثير عزة الشاعران. وكانوا يقولون : إن محمدا ابن الحنفية حي بجبل رضوى ولهم من التخليط ما تضيق عنه الصحف.
قال أبو محمد : وعمدة هذه الطوائف كلها في الاحتجاج أحاديث موضوعة مكذوبة لا يعجز عن توليد مثلها من لا دين له ولا حياء.
قال أبو محمد : لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدقونها ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدقها ، وإنما يجب أن يحتج الخصوم بعضهم على بعض بما يصدقه الذي تقام عليه الحجة به سواء صدقه المحتج أو لم يصدقه ، لأن من صدق بشيء لزمه القول به أو بما يوجبه العلم الضروري فيصير حينئذ مكابرا منقطعا إن ثبت على ما كان عليه إلا أن بعض ما يشغبون به أحاديث صحاح نوافقهم على صحتها ، منها قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلي رضي الله عنه : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي» (٢).
__________________
(١) انفشّ : زال (المعجم الوسيط : ص ٦٨٩).
(٢) رواه من طرق : البخاري في فضائل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم. والترمذي في المناقب باب ٢٠. وابن