وكان عليّ الأسواري البصري أحد شيوخ المعتزلة يقول : إن الله عزوجل لا يقدر على غير ما فعل ، وأنّ من علم الله تعالى أنه يموت ابن ثمانين سنة فإن الله تعالى لا يقدر على أن يميته قبل ذلك ، ولا أن يبقيه بعد ذلك طرفة عين ، وأنّ من علم الله تعالى أنه يبرأ من مرضه يوم الخميس مع الزوال مثلا فإنّ الله تعالى لا يقدر أن يبرئه قبل ذلك لا بما قرب ولا بما بعد ، ولا على أن يزيد في مرضه طرفة عين فما فوقها ، وأن الناس يقدرون كل حين على إماتة من علم الله أنه لا يموت إلى وقت كذا ، وأن الله لا يقدر على ذلك ، وهذا كفر ما سمع قط بأفظع منه.
وأمّا أبو غفار أحد شيوخ المعتزلة : فكان يزعم أن شحم الخنزير ودماغه حلال.
قال أبو محمد : وهذا كفر صريح لا خفاء به ، وكان يزعم أن تفخيذ الرجال الذكور حلال ، وقد ذكر هذا عن ثمامة أيضا ، وهذا كفر محض.
وأما أحمد بن خابط ، والفضل الحدثي البصريان ، وكانا تلميذين لإبراهيم النظام فكانا يزعمان أن للعالم خالقين ، أحدهما قديم وهو الله تعالى ، والآخر محدث وهو كلمة الله عزوجل المسيح عيسى ابن مريم التي بها خلق العالم وكانا لعنهما الله يطعنان على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالتزويج ، وأن أبا ذر كان أزهد منه ، وكان أحمد بن خابط يزعم أن الذي يجيء يوم القيامة مع الملائكة صفا صفا في ظل من الغمام إنما هو المسيح عيسى ابن مريم عليهالسلام ، وأن الذي خلق آدم على صورته إنما هو المسيح عيسى ابن مريم ، وأنّ المسيح هو الذي يحاسب الناس يوم القيامة.
وكان أحمد بن خابط لعنه الله يقول : إن في كل نوع من أنواع الطير والسمك وسائر حيوان البر حتى البق والبراغيث والقمل والقرود والكلاب والفيران والتيوس والحمير والدود والوزغ والجعلان أنبياء لله تعالى رسالة إلى أنواعهم مما ذكرنا ، ومن سائر الأنواع.
وكان لعنه الله يقول بالتناسخ والكرور ، وأن الله تعالى ابتدأ جميع الخلق فخلقهم كلهم جملة واحدة بصفة واحدة ، ثم أمرهم ونهاهم فمن عصى منهم نسخ روحه في جسد بهيمة ، فالقتّال يبتلى بالذبح كالغنم والإبل والبقر والدجاج وغير ذلك من البراغيث وكل ما يقتل في الأغلب.
وأن من كان منه مع فسقه وقتله للناس عفيفا كوفئ بالقوة على السفاد كالتيس والعصفور والكبش وغير ذلك.
ومن كان زانيا أو زانية كوفئا بالمنع من الجماع كالبغال والبغلات.