ومن كان جبارا كوفئ بالمهانة كالدود والقمل ، ولا يزالون كذلك حتى يقتص منهم ثم يردون فمن عصى منهم كرر أيضا كذلك هكذا أبدا حتى يطيع طاعة لا معصية معها فينتقل إلى الجنة من وقته أو يعصي معصية لا طاعة معها فينتقل إلى جهنم من وقته ، وإنما حمله على القول بكل هذا لزومه أصل المعتزلة في العدل وطرده إيّاه ومشيه معه.
واعلموا أن كل من لم يقل من المعتزلة بهذا القول فإنه متناقض تارك لأصلهم في العدل. وكان لعنة الله يقول : إن للثواب دارين أحدهما لا أكل فيها ولا شرب ، وهي أرفع قدرا من الثانية. والثانية فيها أكل وشرب وهي أنقص قدرا.
قال أبو محمد : هذا كله كفر محض ، وكان لهذا الكافر أحمد بن خابط تلميذ على مذهبه يقال له أحمد بن باسوس كان يقول بقول معلمه في التناسخ ثم ادّعى النبوة وقال : إنه المراد بقول الله عزوجل : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [سورة الصفّ : ٦].
وكان محمد بن عبد الله بن مسرة بن نجيح الأندلسي يوافق المعتزلة في القدر ، وكان يقول : إن علم الله تعالى وقدرته صفتان محدثتان مخلوقتان وأن لله تعالى علمين أحدهما أحدثه جملة وهو علم الكليات فهو علم الغيب كعلمه أنه سيكون كفار ومؤمنون ، والقيامة والجزاء ونحو ذلك. والثاني علم الجزئيات : وهو علم الشهادة وهو كفر زيد وإيمان عمرو ونحو ذلك فإنه لا يعلم الله تعالى من ذلك شيئا حتى يكون. وذكر قول الله عزوجل : (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) [سورة التوبة : ٩٤].
قال أبو محمد : وهذا ليس كما ظنّ بل على ظاهره أنه يعلم ما تفعلون وإن أخفيتم ، ويعلم ما غاب عنكم مما كان أو يكون أو هو كائن.
قال أبو محمد : وإنما حمله على هذا القول طرده لأصول المعتزلة حقا فإن من قال منهم إن الله تعالى لم يزل يعلم أن فلانا لا يؤمن أبدا ، وأن فلانا لا يكفر أبدا ، ثم جعل الناس قادرين على خلاف علم الله تعالى فيهم فقد قطع بأنهم قادرون على تكذيب كلام ربهم ، وعلى إبطال ما لم يزل ، وهذا تناقض فاحش لا خفاء به ونعوذ بالله من الخذلان.
وكان من أصحابه الأكابر جماعة يكفرون من قال إنه عزوجل لم يزل يعلم كل ما يكون قبل أن يكون.
وكان من أصحاب مذهبه رجل يقال له إسماعيل بن عبد الله الرعيني متأخر