الوقت ، وكان من المجتهدين في العبادة المنقطعين في الزهد وأدركته إلّا أني لم ألقه ، ثم أحدث أقوالا شنيعة فبرئ منه سائر المسرية وكفّروه إلّا من اتبعه منهم ممن أحدث قوله إن الأجساد لا تبعث أبدا ، وإنما تبعث الأرواح صحّ هذا عندنا عنه. وذكر عنه أنه كان يقول إنه حين موت الإنسان وفراق روحه لجسده تلقى روحه الحساب ويصير إمّا إلى الجنة أو إلى النار ، وأنه كان لا يقر بالبعث إلّا على هذا الوجه ، وأنه كان يقول إنّ العالم لا يفنى أبدا بل هكذا يكون الأمر بلا نهاية.
وحدثني الفقيه أبو أحمد المعافري الطليطلي صاحبنا أحسن الله ذكره قال أخبرني يحيى بن أحمد الطبيب وهو ابن ابنة إسماعيل الرعيني المذكور قال إنّ جدي كان يقول : إن العرش هو المدبّر للعالم ، وأن الله تعالى أجل من أن يوصف بفعل شيء أصلا ، وكان ينسب هذا القول إلى محمد بن عبد الله بن مسرة ويحتج بألفاظ في كتبه ليس فيها لعمري دليل على هذا القول. وكان يقول لسائر المسرية : إنكم لم تفهموا عن الشيخ ، فبرئت منه المسرية أيضا على هذا القول.
وكان أحمد الطبيب صهره ممن برئ منه وثبتت ابنته على هذه الأقوال متبعة لأبيها مخالفة لزوجها وابنها ، وكانت متكلمة ناسكة مجتهدة ، ووافقت أبا هارون بن إسماعيل الرّعيني على هذا القول فأنكره وبرئ من قائله ، وكذّب ابن أخيه فيما ذكر عن أبيه ، وكان مخالفوه من المسرية وكثير من موافقيه ينسبون إليه القول باكتساب النبوة ، وأن من بلغ الغاية من الصلاح وطهارة النفس أدرك النبوة وأنها ليست اختصاصا أصلا ، وقد رأينا منهم من ينسب هذا القول إلى ابن مسرة ويستدل على ذلك بألفاظ كثيرة في كتبه لعمري إنها لتشير إلى ذلك ، ورأينا سائرهم ينكر هذا فالله أعلم ، ورأيت أنا من أصحاب إسماعيل الرعيني المذكور من يصفه بفهم منطق الطير ، وبأنه كان ينذر بأشياء قبل أن تكون فتكون.
وأمّا الذي لا شك فيه فإنه كان عند فرقته إماما واجبة طاعته يؤدون إليه زكاة أموالهم ، وكان يذهب إلى أنّ الحرام قد عمّ الأرض ، وأنه لا فرق بين ما يكسبه المرء من صناعة أو تجارة أو ميراث أو بين ما يسلبه من الرفاق ، وأن الذي يحل للمسلم من كل ذلك قوته كيفما أخذه.
هذا أمر صحيح عندنا عنه يقينا ، وأخبرنا عنه بعض من عرف باطن أمورهم أنه كان يرى الدار دار كفر مباحة دماؤهم وأموالهم إلّا أصحابه فقط.
وصح عندنا عنه : أنه كان يقول بنكاح المتعة ، وهذا لا يقدح في إيمانه ولا في