[سورة الأعراف : ٣] فهذا نص ما قلنا ، وإبطال اتباع أحد دون رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وإنما الحاجة إلى فرض الإمامة لينفذ الإمام عهود الله تعالى الواردة إلينا على من عنده فقط لا لأن يأتي الناس بما لا يشاءونه في معرفته من الدين الذي أتاهم به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ووجدنا عليا رضي الله عنه إذ دعي إلى التحاكم إلى القرآن أجاب ، وأخبر بأن التحاكم إلى القرآن حق فإن كان علي أصاب في ذلك فهو قولنا ، وإن كان أجاب إلى الباطل فهذه غير صفته رضي الله عنه ، ولو كان التحاكم إلى القرآن لا يجوز بحضرة الإمام لقال علي حينئذ كيف تطلبون تحكيم القرآن ، وأنا الإمام المبلغ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟
فإن قالوا : إذ مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلا بد من إمام يبلغ الدين. قلنا : هذا باطل ودعوى بلا برهان ، وقول لا دليل على صحته ، وإنما الذي يحتاج إليه أهل الأرض من رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيانه وتبليغه فقط ، سواء في ذلك من كان بحضرته ، ومن غاب عنه ، ومن جاء بعده ، إذ ليس في شخصه صلىاللهعليهوسلم إذا لم يتكلم بيان عن شيء من الدين فالمراد منه عليهالسلام كلام باق أبدا مبلغ إلى كل من في الأرض ، وأيضا فلو كان ما قالوا من الحاجة إلى إمام موجود أبدا لا ننقض ذلك عليهم بمن كان غائبا عن حضرة الإمام في أقطار الأرض ، إذ لا سبيل إلى أن يشاهد الإمام جميع أهل الأرض الذين في المشرق والمغرب من فقير وضعيف وامرأة ومريض ومشغول بمعاشه الذي يضيع إن أغفله ، فلا بد من التبليغ ، فإذ لا بد من التبليغ عن الإمام فالتبليغ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أولى بالاتباع من التبليغ عمن هو دونه ، وهذا ما لا انفكاك لهم منه.
قال أبو محمد : لا سيما وجميع أئمتهم الذين يدعون بعد علي والحسن والحسين رضي الله عنهم ما أمروا قط في غير منازل سكناهم ، ولا حكموا على قرية فما فوقها بحكم ، فما الحاجة إليهم ..؟ لا سيما مذ مائة عام وثمانين عاما فإنهم يدعون إماما ضالة لم يخلق كعنقاء مغرب ، وهم أولو فحش ، وقحة ، وبهتان ، ودعوى كاذبة لا يعجز عن مثلها أحد ، وأيضا فطن الإمام المعصوم لا يعرف أنه معصوم إلا بمعجزة ظاهرة عليه ، أو بنص ينقله من يوجب نقله العلم ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، على كل إمام بعينه ، واسمه ، ونسبه ، وإلا فهي دعوى لا يعجز عن مثلها أحد لنفسه أو لمن شاء ، ولقد يلزم كل ذي عقل سليم أن يرغب بنفسه عن اعتقاد هذا الجهل ، الغث ، البارد ، السخيف ، الذي ترتفع عقول الصبيان عنه ، وما توفيقنا إلا بالله عزوجل.
وبرهان آخر ضروري وهو أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مات وجمهور الصحابة رضي الله عنهم حاشا من كان منهم في النواحي يعلم الناس الدين ، فما منهم أحد أشار إلى