ذكر شنع لقوم لا تعرف فرقهم
قال أبو محمد : ادعت طائفة من الصوفية أن في أولياء الله تعالى من هو أفضل من جميع الأنبياء والرسل ، وقالوا : من بلغ الغاية القصوى من الولاية سقطت عنه الشرائع كلها ، من الصلاة والصيام والزكاة وغير ذلك ، وحلت له المحرمات كلها ، من الزّنا والخمر وغير ذلك ، واستباحوا بهذا نساء غيرهم ، وقالوا : إننا نرى الله ونكلمه ، وكل ما قذف في نفوسنا فهو حق. ورأيت لرجل منهم يعرف «بابن شمعون» كلاما نصه أن لله تعالى مائة اسم ، وأن الموفي مائة هو ستة وثلاثون حرفا ، ليس منها في حروف الهجاء شيء إلا واحد فقط ، وبذلك الواحد يصل أهل المقامات إلى الحق. وقال أيضا : أخبرني بعض من رسم لمجالسة الحق أنه مدّ رجله يوما فنودي ما هكذا يجالس الملوك ، فلم يمدّ رجله بعدها ، يعني أنه كان مديما لمجالسة الله تعالى.
وقال أبو حاضر النصيبي من أهل نصيبين ، وأبو الصبّاح السمرقندي وأصحابهما : إن الخلق لم يزالوا مع الله ، وقال أبو الصبّاح : لا تحل ذبائح أهل الكتاب ، وخطّأ فعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قتال أهل الردّة ، وصوّب قول الصحابة الذين رجعوا عنه في ترك حربهم. وقال أبو شعيب القلال : إن ربه جسم في صورة إنسان لحم ودم ، ويفرح ويحزن ويمرض ويفيق. وقال بعض الصوفية : إن ربّه يمشي في الأزقة حتى إنه يمشي في صورة مجنون يتبعه الصبيان بالحجارة ، حتى يدموا عقبيه ، فاعلموا رحمكم الله أن هذه كلها كفرات صلع ، وأقوال أقوام يكيدون الإسلام. وصدق القائل :
شهدت بأن ابن المعلم هازل |
|
بأصحابه والباقلاني أهزل |
وما جعل الملعون في ذاك دونه |
|
وكلهم في الإفك والكفر منزل |
والله ما هم مع المغرورين بهم في قولهم عنهم وحسن الظن بهم ، إلا كما قال الآخر :
وساع مع السلطان يبغي عليهم |
|
ومحترس من مثله وهو حارس |
فاعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله تعالى قط على أيديهم خيرا ، ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية ولا رفع للإسلام راية ، وما زالوا يسعون في قلب