وهكذا كان أمرهم في علي ومعاوية ولا مزيد فلاحت نوكة هؤلاء المجانين ، والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد : وهذا زيد بن حارثة قتل يوم بدر حنظلة بن أبي سفيان وهذا الزبير بن العوام قتل يوم بدر أيضا عبيدة بن سعيد بن العاص وهذا عمر بن الخطاب قتل يومئذ العاص بن هشام بن المغيرة فهلا عاداهم أهل هؤلاء المقتولين ، وما الذي خص عليا بعداوة أولياء من قتل دون سائر من ذكرنا لو لا جنون الرافضة وعدم الحياء من وجوههم.
ثم لو كان ما ذكروه حقا فما الذي كان دعا عمر إلى إدخاله في الشورى مع من أدخله فيها ، ولو أخرجه منها كما أخرج سعيد بن زيد ، أو قصد إلى رجل غيره فولاه ما اعترض عليه أحد في ذلك بكلمة ، فصح ضرورة بكل ما ذكرنا أن القوم أنزلوه منزلته غير عالين ولا مقصرين رضي الله عنهم أجمعين ، وأنهم قدموا الأحق ، فالأحق ، والأفضل ، فالأفضل وساووه بنظرائه منهم. ثم أوضح برهان وأبين بيان في بطلان أكاذيب الرافضة أن عليا رضي الله عنه إذ دعا إلى نفسه بعد قتل عثمان رضي الله عنه سارعت طوائف من المهاجرين والأنصار إلى بيعته ، فهل ذكر أحد من الناس أن أحدا منهم اعتذر إليه مما سلف من بيعتهم لأبي بكر وعمر وعثمان؟ أو هل تاب أحد منهم من جحدهم للنص على إمامته ، أو قال أحد منهم : لقد ذكرت هذا النص الذي كنت أنسيته في أمر هذا الرجل؟ إنّ عقولا خفي عليها هذا الظاهر اللائح لعقول مخذولة لم يرد الله أن يهديها. ثم مات عمر رضي الله عنه وترك الأمر شورى بين ستة من الصحابة ، عليّ أحدهم ، ولم يكن في تلك الأيام الثلاثة سلطان يخاف ولا رئيس يتوقى ولا مخافة من أحد ، ولا جند معد للتغلب ، افترى لو كان لعلي رضي الله عنه حق ظاهر يختص به من نص عليه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو من فضل بائن على من معه ينفرد به عنهم أما كان الواجب على علي أن يقول أيّها الناس كم هذا الظلم لي وكم هذا الكتمان لحقّي؟ وكم هذا الجحد لنص رسول الله صلىاللهعليهوسلم ..؟ وكم هذا الإعراض عن فضلي البائن على هؤلاء المقرونين لي؟ فإذ لم يفعل لا ندري لما ذا ..؟ أما كان في بني هاشم أحد له دين يقول هذا الكلام ..؟ إما العباس عمه وجميع العاملين على توقيره وتعظيمه حتى إن عمر توسل به إلى الله تعالى بحضرة الناس في الاستسقاء. وإما أحد بنيه ، وإما عقيل أخوه ، وإما أحد بني جعفر أخيه ، أو غيرهم. فإذ لم يكن في بني هاشم أحد يتقي الله عزوجل ، ولا يأخذه في قول الحق مداهنة ، أما كان في جميع أهل الإسلام من المهاجرين ، والأنصار وغيرهم واحد يقول : يا معشر المسلمين قد زالت الرقبة وهذا عليّ له حق واجب بالنص بائن ظاهر لا يمترى فيه فبايعوه. فأمره بين أن