الكلام في الاسم والمسمى
قال أبو محمد : ذهب قوم إلى الاسم هو المسمى ، وقال آخرون الاسم غير المسمى. واحتج من قال إن الاسم هو المسمى بقول الله تعالى : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) [سورة الرحمن : ٧٨].
قال : ولا يجوز أن يقال تبارك غير الله فلو كان الاسم غير المسمى ما جاز أن يقال تبارك اسم ربك ، وبقوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [سورة الأعلى : ١].
قالوا : ومن الممتنع أن يأمر الله عزوجل بأن يسبّح غيره. وبقوله عزوجل : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) [سورة يوسف : ٤٠].
وقالوا : الاسم مشتق من السموّ ، وأنكروا على من قال إنه مشتق من الوسم ، وهو العلامة. وذكروا قول لبيد :
إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما |
|
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر(١) |
وقالوا : قال سيبويه الأفعال أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء. قالوا : إنما أراد المسلمين ، هذا كل ما احتجوا به فقد تقصيناه لهم ولا حجة لهم في شيء منه ، أما قول الله عزوجل : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) [سورة الرحمن : ٧٨].
وذو الجلال فحق ، ومعنى تبارك تفاعل من البركة. والبركة واجبة لاسم الله عزوجل الذي هو كلمة مؤلفة من حروف الهجاء ، ونحن نتبرك بالذكر له وبتعظيمه ونجلّه ونكرمه فله منا التبارك وله الإجلال منا ومن الله تعالى ، وله الإكرام من الله تعالى ومنا
__________________
(١) البيت في ديوان لبيد (ص ٢١٤) والأشباه والنظائر (٧ / ٩٦) والأغاني (١٣ / ٤٠) وبغية الوعاة (١ / ٤٢٩) وخزانة الأدب (٤ / ٣٣٧ ، ٣٤٠ ، ٣٤٢) والخصائص (٣ / ٢٩) والدرر (٥ / ١٥) وشرح المفصل (٣ / ١٤) والعقد الفريد (٢ / ٧٨ ، ٣ / ٥٧) ولسان العرب (٤ / ٥٤٥ ـ مادة عذر) والمقاصد النحوية (٣ / ٣٧٥) والمصنف (٣ / ١٣٥) وأمالي الزجاجي (ص ٦٣) وشرح الأشموني (٢ / ٣٠٧) وشرح عمدة الحافظ (ص ٥٠٧) والمقرب (١ / ٢١٣) وهمع الهوامع (٢ / ٤٩ ، ١٥٨).