بزيد ، والرفع : هذا زيد. وليس في الأسماء جزم لتمكنها ، وإلحاق التنوين ، وهذا كله بيان أن الأسماء : هي الكلمات المؤلفة من الحروف المقطعة ، لا المسمّون بها ، ولو تتبع هذا في أبواب الجمع وأبواب التصغير ، والنداء والترخيم ، وغيرها لكثر جدّا ، وكاد يفوت التحصيل.
قال أبو محمد : فسقط كل ما شغب به القائلون بأن الاسم هو المسمّى ، وكل قول سقط احتجاج أهله وعري عن برهان فهو باطل.
ثم نظرنا فيما احتج به القائلون إن الاسم غير المسمّى فوجدناهم يحتجون بقول الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) [سورة الأعراف : ١٨٠].
قالوا : والله عزوجل واحد ، والأسماء كثيرة ، وقد تعالى الله عن أن يكون اثنين ، أو أكثر ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة غير واحد ، من أحصاها دخل الجنة» (١).
قالوا : ومن قال : إن خالقه أو معبوده تسعة وتسعون فهو شرّ من النصارى الذين لم يجعلوه إلّا ثلاثة.
قال أبو محمد : وهذا برهان ضروري لازم. ورأيت لمحمد بن الطيب الباقلاني ، ولمحمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني : أنه ليس لله تعالى إلا اسم واحد فقط.
قال أبو محمد : وهذا معارضة وتكذيب لله عزوجل ، وللقرآن ، ولرسول الله صلىاللهعليهوسلم ولجميع العالمين ، ثم عطفا فقالا : معنى قول الله عزوجل : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) وقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لله تسعة وتسعين اسما» إنما هو التسمية لا الأسماء.
قال أبو محمد : وكان هذا التقسيم أدخل في الضلال من ذلك الإجمال ، ويقال لهم : فعلى قولكم هذا ، أراد الله تعالى أن يقول : لله التسميات الحسنى ، فقال : (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ، وأراد رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يقول إن لله تسعة وتسعين تسمية ، فقال : «إن لله تسعة وتسعين اسما» أعن غلط وخطأ قال الله تعالى ذلك ، ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، أم عن عمد ، ليضل بذلك أهل الإسلام؟ أم عن جهل باللغة التي تنبهتما لها أنتما؟
ولا بدّ من أحد هذه الوجود ضرورة لا محيد عنها ، وكلها كفر مجرد ، ولا بدّ لهم من أحدها أو ترك ما قالوه من الكذب على الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) تقدم تخريجه.