الكلام في الأحوال مع الأشعرية ومن وافقهم
قال أبو محمد : وأما الأحوال التي ادعتها الأشعرية فإنهم قالوا : إن هاهنا أحوالا ليست حقّا ولا باطلا ، ولا هي مخلوقة ولا هي غير مخلوقة ، ولا هي موجودة ولا هي معدومة ، ولا هي معلومة ولا هي مجهولة ، ولا هي أشياء ولا هي لا أشياء.
وقالوا : من هذا علم العالم بأن له علما ووجودا لوجوده ، قالوا : فإن قلتم : إن لكم علما بأن لكم علما بالباري تعالى وبما تعلمونه ، وأن لكم وجودا لوجودكم ما تجدونه ، سألناكم ألكم علم بعلمكم بأن لكم علما؟ وهل لكم وجود لوجودكم ما تجدونه؟ فإن أقررتم بذلك لزمكم أن تسلسلوا هذا أبدا إلى ما لا نهاية له ودخلتم في قول أصحاب معمّر والدهرية ، وإن منعتم من ذلك سألتم عن صحة الدليل على صحة منعكم ما منعتم من ذلك ، وصحة إيجابكم ما أوجبتم من ذلك. وكذلك قالوا في قدم القديم وحدث المحدث ، وبقاء الباقي ، وفناء الفاني ، وظهور الظاهر ، وخفاء الخافي ، وقصد القاصد ، ونية الناوي ، وزمان الزمان ، وما أشبه ذلك ، وقالوا : لو كان للباقي بقاء ولبقاء الباقي بقاء ، وهكذا أبدا إلى ما لا نهاية له ، قالوا : أفهذا يوجب وجود أشياء لا نهاية لها؟ وهذا محال. وهكذا قالوا في قدم القديم ، وقدم قدمه ، وقدم قديم قدمه إلى ما لا نهاية له ، وفي حدوث المحدث ، وحدوث حدثه ، وحدوث حدث حدثه ، إلى ما لا نهاية له ، وهكذا قالوا في زمان الزمان ، وزمان زمان الزمان إلى ما لا نهاية له ، وفي فناء الفاني وفناء فنائه وفناء فناء فنائه إلى ما لا نهاية له ، وكذلك ظهور الظاهر ، وظهور ظهوره ، وظهور ظهور ظهوره ، إلى ما لا نهاية له ، وكذلك القصد ، والقصد إلى القصد ، والقصد إلى القصد إلى القصد ، وهكذا إلى ما لا نهاية له ، وكذلك النية ، والنية للنية ، والنية للنية للنية ، إلى ما لا نهاية له ، وكذلك تحقيق الحق ، وتحقيق تحقيق الحق ، إلى ما لا نهاية له.
قال أبو محمد رضي الله عنه : أفكار السوء إذا ظن صاحبها أنه يدقق فيها فهي أضرّ عليه لأنها تخرجه إلى التخليط الذي ينسبونه إلى السوفسطائية وإلى الهذيان المحض وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
قال أبو محمد : والكلام في هذا أبين من أن يشكل على عامي فكيف على