الكلام في المتوالد والمتولد
قال أبو محمد : الحيوان كله ينقسم أقساما ثلاثة ، متوالد ولا بد ولا يتولد ولا بد ومتولد ولا بد لا يتوالد ، وقسم ثالث يتوالد ويتولد أيضا ، فالمتولد المتوالد فكبنات وردان فإنها تتولد ، وقد رأيناها تتسافد ، وكالجعلان فإنها تتولد وقد رأيناها تتسافد ، وكثير من الحيوان المتولد في النبات ورأيناه يتسافد ، ومثل القمل فإنا قد شاهدناه يخرج من تحت الجلد عيانا ويحدث في الرءوس وقد يتوالد ، ونحن نجد بعضه إذا قطع مملوءا بيضا.
وأما المتولد الذي لا يتوالد فالحيوان المتولد في أصول أشفار العينين ، وأصول شعر الشارب واللحية والصدر والعانة ، وهو ذو أرجل كثيرة لا يفارق موضعه ، وما علمناه يتوالد أصلا ، ومثل الصفار المتولد في البطن وشحمة الأرض ، وكل هذا لا نعلمه يتوالد البتة. وقد شاهدنا ضفادع صغارا تتولد من ليلتها فتصبح منافع المياه منها مملوءة ، ومنها السلماندرية وهو حيوان كبير يشبه الجراذين الصغار بطيئة الحركة وحيوانات كثيرة منها صغير مفرط الصغر يكاد لصغره لا يتجزأ مثل ما رأيناه كثيرا في الدوى والدفاتر ، وهو سريع المشي جدا ، ومنها السوس المتولد في الباقلاء ، والدود المتولد في الجراحات ، وفي الحمص والبلوط ، وفي التفاح وبين الحشيش وبين الصنوبر ، وفي الكنف وهي ذوات الأذناب ، والحباحب المتولد في الخضر وهو في غاية الحسن ، ومنه ما يضيء بالليل كأنه شرارة نار ، والدود ذوات الأرجل الكثيرة ، والذراريح ، وهذا كثير لا يحصيه إلا خالقه عزوجل. ومنها الضفادع والجنادب. فقد صح عندنا يقينا لا مجال للشك فيه أنها تتولد في منافع المياه دويبات صغارا ملسا شديدة السواد ذوات أذناب تسمى عندنا الرتنشات ، ثم صح عندنا كذلك أنها ستكبر فتنقطع أذنابها وتتبدل ألوانها ، وتستحيل أشكالها ، وتعظم فتصير ضفادع ثم تزيد كبرا واستحالة ألوان فتصير جنادب.
قال أبو محمد : قد رأيتها في جميع تنقلها كما وصفنا ، وقد عرض علينا في مناقع المياه خطوط ظاهرة ، قيل لنا : إنها بيض الضفادع ، وأما الذباب فقد شاهدناها