فكيف ومعنا نص من النبي صلىاللهعليهوسلم كما حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الطلمنكي ، حدثنا محمد بن أحمد بن مفرج ، حدثنا محمد بن أيوب الرقي الصموت ، حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزاز ، حدثنا أحمد بن عمر ، وحدثنا المعتمر بن سليمان التيمي ، حدثنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قيل يا رسول الله : من أحبّ النّاس إليك؟ قال : «عائشة». قيل : ومن الرّجال؟ قال : «فأبوها إذن» (١).
حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي ، قال : حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن قيس ، حدثنا أحمد بن محمد الأشقر ، حدثنا أحمد بن علي القلانسي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا يحيى بن يحيى بن خالد بن عبد الله هو الطحان ، عن خالد الحذّاء ، عن أبي عثمان النّهدي ، قال أخبرني عمرو بن العاص أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعثه إلى جيش ذات السّلاسل قال فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك؟ فقال : «عائشة» قلت : من الرجال؟ قال : «أبوها» ، قلت : ثم من؟ قال : «عمر». فعد رجالا.
فهذان عدلان أنس ، وعمرو ، يشهدان أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخبر بأن عائشة أحب الناس إليه ثم أبوها ، وقد قال الله عزوجل عنه عليهالسلام : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) [سورة النجم : ٣ ، ٤].
فصح أن كلامه عليهالسلام بأنها أحب الناس إليه وحي أوحاه الله تعالى إليه ليكون كذلك ويخبر بذلك لا عن هوى له ، ومن ظن ذلك فقد كذب الله تعالى ، لكن لاستحقاقها لذلك الفضل في الدين والتقدم فيه على جميع الناس الموجب لأن يحبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم أكثر من محبته لجميع الناس فقد فضلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أبيها ، وعلى عمر ، وعلى علي وفاطمة ، رضي الله عن جميعهم تفضيلا ظاهرا بلا شك.
فإن قال قائل : نقل أن إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أفضل من أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، رضي الله عنهم أجمعين ، لكونه مع أبيه عليهالسلام في الجنة في درجة واحدة ، قلنا له وبالله تعالى التوفيق :
إن إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لم يستحق تلك المنزلة بعمل كان منه ، وإنما هو اختصاص مجرد ، وإنما تقع المفاضلة بين الفاضلين إذا كان فضلهما واحدا من وجه واحد فتفاضلا فيه ، وأما إذا كان الفضل من وجهين اثنين فلا سبيل إلى المفاضلة بينهما لأن معنى قول القائل : أي هذين أفضل؟ إنما هو أي هذين أكثر أوصافا في الباب الذي
__________________
(١) رواه الترمذي في مناقب عائشة رضي الله عنها.