أجران ، والمضاعفة لهن إنما تكون على ما عمله طبقتهن من الصحابة ، وقد علمنا أن بين عمل الصاحب وعمل غيره أعظم مما بين أحد ذهبا ونصف مد شعير فيقع لكل واحدة منهن مثل ذلك مرتين ، وهذا لا يخفى على ذي حسن سليم ، فبطلت المعارضة التي ذكرناها والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد : واعترض علينا بعض الناس في الحديث الذي فيه أن عائشة أحب الناس إليه ومن الرجال أبوها ، بأن قال : قد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال لأسامة بن زيد : «إنّ أباه كان أحبّ النّاس إليّ وإنّ هذا أحبّ النّاس إليّ بعده» (١) وصح أنه عليهالسلام قال للأنصار : «إنّكم أحبّ النّاس إليّ» (٢).
قال أبو محمد : وأما هذا اللفظ الذي في حديث أسامة بن زيد إنه أحب الناس إليه عليهالسلام ، فقد روي من طريق حماد بن سلمة عن موسى بن عقبة ، عن سالم عن أبيه ، وأما الذي فيه ذكر أسامة وزيد رضي الله عنهما فإنما رواه عمر بن حمزة عن سالم بن عبد الله عن أبيه وعمر بن حمزة هذا ضعيف ، والصحيح من هذا الخبر هو ما رواه عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم بإسناد لا مغمز فيه فذكر فيه أنه عليهالسلام قال يعني زيد بن حارثة : «وأيم الله إن كان لخليقا للإمرة وإن كان لمن أحبّ النّاس إليّ وإنّ هذا لمن أحبّ النّاس إليّ بعده» (٣).
وهذا يقضي على حديث موسى بن عقبة عن سالم عن أبيه لأنه مختصر من حديث عبد الله بن دينار ، وبهذا ينتفي التعارض بين الروايتين عن ابن عمر وعن أنس وعمرو ، وإلا فليس أحدهما أولى من الآخر.
وأما حديث الأنصار فرووه كما ذكره هشام بن زيد عن أنس ، ورواه عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أنتم من أحبّ النّاس إليّ».
__________________
(١) رواه البيهقي في السنن الكبرى (٣ / ١٢٨).
(٢) رواه مسلم في فضائل الصحابة (حديث رقم ١٧٤) عن أنس : أن النبي صلىاللهعليهوسلم رأى صبيانا ونساء مقبلين من عرس ، فقام النبيّ صلىاللهعليهوسلم ممثلا فقال : «اللهم أنتم من أحبّ الناس إليّ ، اللهم أنتم من أحبّ الناس إليّ» يعني الأنصار. ورواه أيضا برقم (١٧٥) بلفظ : جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : فخلا بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «والذي نفسي بيده إنكم لأحبّ الناس إليّ» ثلاث مرات.
(٣) رواه البخاري في الأيمان باب ٢ ، وفضائل الصحابة باب ١٧ ، والمغازي باب ٤٢ و ٨٧. ومسلم في فضائل الصحابة حديث ٦٣ و ٦٤. والترمذي في المناقب باب ٣٩. وأحمد في المسند (٢ / ٢٠).