فنهاه عن أن يطيعهم ولم تكن منه طاعة لهم ، وهذا إنما يعترض به أهل الجهل والسخافة ونعوذ بالله من الضلال.
قال أبو محمد : واعترض علينا بعض الجهال ببعثة رسول الله صلىاللهعليهوآله علي بن أبي طالب خلف أبي بكر ورضي الله عنهما في الحجة التي حجها أبو بكر ، وأخذ براءة من أبي بكر ، وتولى عليّ تبليغها إلى أهل الموسم وقراءتها عليهم.
قال أبو محمد : وهذا من أعظم فضائل أبي بكر لأنه كان أميرا على علي بن أبي طالب وغيره من أهل الموسم ، لا يدفعون إلا بدفعه ولا يقفون إلا بوقوفه ولا يصلون إلا بصلاته ، وينصتون إذا خطب وعلي في الجملة كذلك ، وسورة براءة وقع فيها فضل أبي بكر رضي الله عنه وذكره في أمر الغار وخروجه مع النبي صلىاللهعليهوسلم وكون الله تعالى معهما فقراءة علي لها أبلغ في إعلان فضل أبي بكر على علي ، وعلى سواه ، وحجة لأبي بكر قاطعة وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : إلا أن ترجع الروافض إلى إنكار القرآن والنقص منه والزيادة فيه ، فهذا أمر يظهر فيه قحتهم وجهلهم وسخفهم ، إلى كل عالم وجاهل ، فإنه لا يمتري كافر ولا مؤمن في أن هذا الذي بين اللوحين من الكتاب هو الذي أتى به محمد صلىاللهعليهوسلم وأخبرنا بأنه أوحاه الله تعالى إليهم فمن تعرض إلى هذا فقد أقر بعين عدوه.
قال أبو محمد : وما يعترض إمامة أبي بكر إلا زار على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، رادّ لأمره في تقديمه أبا بكر إلى الصلاة بأهل الإسلام ، مريد لإزالته عن مقام أقامه فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال أبو محمد : ولسنا من كذبهم في تأويلهم : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) [سورة الإنسان : ٨] وأن المراد بذلك علي رضي الله عنه بل هذا لا يصح بل الآية على عمومها وظاهرها لكل من فعل ذلك.
قال أبو محمد : فصح بما ذكرنا فضل أبي بكر على جميع الصحابة رضي الله عنهم بعد نساء النبي صلىاللهعليهوسلم بالبراهين المذكورة ، وأما الأحاديث في ذلك فكثيرة كقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أبي بكر : «دعوا لي صاحبي فإنّ النّاس قالوا كذبت وقال أبو بكر صدقت» (١).
__________________
(١) رواه البخاري في تفسير سورة الأعراف باب ٣ (حديث رقم ٤٦٤٠) من طريق أبي الدرداء