الكلام في حرب علي ومن حاربه
من الصحابة رضي الله عنهم
قال أبو محمد : اختلف الناس في تلك الحرب على ثلاث فرق ، فقال جميع الشيعة وبعض المرجئة ، وجمهور المعتزلة ، وبعض أهل السنة : إنّ عليا كان المصيب في حربه ، وكل من خالفه على خطأ.
وقال واصل بن عطاء ، وعمرو بن عبيد ، وأبو الهذيل ، وطوائف من المعتزلة إنّ عليا مصيب في قتاله معاوية ، وأهل النهر (١) ، ووقفوا في قتاله مع أهل الجمل ، وقالوا : إحدى الطائفتين مخطئة ولا نعرف أيهما هي. وقالت الخوارج : علي المصيب في قتاله أهل الجمل ، وأهل صفين ، وهو مخطئ في قتاله أهل النهر.
وذهب سعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر ، وجمهور الصحابة إلى الوقوف في علي ، وأهل الجمل ، وأهل صفين ، وبه يقول جمهور أهل السنة ، وأبو بكر بن كيسان.
وذهب جماعة من الصحابة وخيار التابعين ، وطوائف ممن بعدهم ، إلى تصويب محاربي علي من أصحاب الجمل ، وأصحاب صفين ، وهم الحاضرون لقتاله في اليومين المذكورين ، وقد أشار إلى هذا أيضا أبو بكر بن كيسان.
قال أبو محمد : أما الخوارج ، فقد أوضحنا خطأهم وخطأ أسلافهم فيما سلف من كتابنا هذا حاشا احتجاجهم بإنكار تحكيم عليّ الحكمين ، فسنتكلم في ذلك إن شاء الله تعالى كما تكلمنا في سائر أحكامهم ، والحمد لله رب العالمين.
وأما من وقف فلا حجة له أكثر من أنه لم يتبين له الحق ، ومن لم يتبين له الحق فلا سبيل إلى مناظرته بأكثر من أن نبين له وجه الحق حتى يراه. وذكروا أيضا أحاديث في ترك القتال في الاختلاف سنذكر لكم جملتها إن شاء الله تعالى. فلم يبق إلا الطائفة المصوبة لعلي في جميع حروبه ، والطائفة المصوبة لمن حاربه من أهل الجمل وأهل صفين.
__________________
(١) هم الخوارج من أهل النهروان.