وقوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) [سورة الفتح : ٢٩].
وقوله تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) [سورة الفتح : ١٨].
ثم أعماهم الشيطان وأضلهم الله تعالى على علم ، فحلوا بيعة مثل علي ، وأعرضوا عن مثل سعيد بن زيد ، وسعيد وابن عمر ، وغيرهم ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل ، وأعرضوا عن سائر الصحابة الذين أنفقوا بعد الفتح وقاتلوا ، ووعدهم الله الحسنى ، وتركوا من يقرون بأن الله تعالى عزوجل علم ما في قلوبهم ، فأنزل السكينة عليهم ، ورضي عنهم ، وبايعوا الله وتركوا جميع الصحابة ، وهم الأشداء على الكفار ، الرحماء بينهم ، الركع السجد المبتغون فضلا من الله ورضوانا ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، المثنى عليهم في التوراة والإنجيل من عند الله عزوجل ، الذين غاظ الله بهم الكفار المقطوع على أن باطنهم في الخير كظاهرهم ، لأن الله عزوجل شهد بذلك فلم يبايعوا أحدا منهم ، وبايعوا شبث بن ربعي مؤذن سجاح أيام ادعت النبوة بعد موت النبي صلىاللهعليهوسلم ، حتى تداركه الله عزوجل فقر عنهم ، وتبين له ضلالهم فلم يقع اختيارهم إلا على عبد الله بن وهب الراسبي أعرابي بوال على عقبيه لا سابقة له ولا صحبة ولا فقه ولا شهد الله له بخير ، فمن أضل ممن هذه سيرته واختياره ولكن حق لمن كان أحد أئمته ذو الخويصرة الذي بلغ ضعف عقله ، وقلة دينه إلى تجويره رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حكمه والاستدراك عليه ، ورأى نفسه أورع من رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذا وهو يقرّ أنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليه وبه اهتدى وبه عرف الدين ، ولولاه لكان حمارا أو أضل ، ونعوذ بالله من الخذلان.
وأما الطائفة المصوبة للقاعدين فإن من لم يلح له الحق منهم فإنما يكلم حتى يبين له الحق ، فيلزمه المصير إليه ، فنقول وبالله تعالى التوفيق : إنه قد صح ووجب فرض الإمامة بما ذكرنا قبل في إيجاب الإمامة وإذ هي فرض فلا يجوز تضييع الفرض ، وإذ ذلك كذلك فالمبادرة إلى تقديم إمام عند موت الإمام فرض واجب ، وقد ذكرنا وجوب الائتمام بالإمام ، فإذ هذا كله كما ذكرنا ، فإذ مات عثمان رضي الله عنه وهو الإمام ففرض إقامة إمام يأتم به الناس لئلا يبقوا بلا إمام ، فإذ بادر علي فبايعه واحد من المسلمين فصاعدا فهو إمام قائم ففرض طاعته لا سيما ولم تتقدم بيعته بيعة ، ولم ينازعه الإمامة أحد جملة ، فهذا أوضح وأوجب في وجوب إمامته وصحة بيعته ولزوم