يرضون بهذا ولا يقولون به لكن تلك الطائفة قالت كان العباس عاصب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووارثه ، فإذا كان ذلك كذلك فقد ورث مكانه.
قال أبو محمد : وهذا ليس بشيء ، لأن ميراث العباس رضي الله عنه لو وجب له لكان ذلك في المال خاصة ، وأما المرتبة فما جاء قط في الديانات أنها تورث.
فبطل هذا التمويه جملة ولله الحمد.
ولو جاز أن تورث المراتب لكان من ولاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكانا ما إذا مات وجب أن يرث تلك الولاية عاصبه ، ووارثه ، وهذا ما لا يقولونه فكيف وقد صح بإجماع جميع أهل القبلة حاشا الروافض أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قال : «لا نورث ما تركناه صدقة» (١) ...؟
فإن اعترض معترض بقول الله عزوجل (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) [سورة النمل : ١٦] وبقوله تعالى حاكيا عن زكريا عليهالسلام أنه قال : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) [سورة مريم : ٥ ، ٦].
قال أبو محمد : وهذا لا حجة فيه لأن الرواة وحملة الأخبار وجميع التواريخ القديمة كلها وكواف بني إسرائيل ينقلون بلا خلاف نقلا يوجب العلم أن داود عليهالسلام كان له بنون جماعة غير سليمان عليهالسلام فصح أنه ورث النبوة.
وبرهان ذلك أنهم كلهم مجمعون على أنه عليهالسلام ولي مكان أبيه عليهماالسلام وليس له إلا اثنتي عشرة سنة ، ولداود أربعة وعشرون ابنا كبارا وصغارا ، وهكذا القول في ميراث يحيى بن زكريا عليهماالسلام.
وبرهان ذلك من نص الآية نفسها قوله عليهالسلام (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) وهم مئو ألوف لكل سبط من أسباطهم عصاب عظيمة فصح أنه إنما رغب ولدا يرث عنه النبوة فقط.
__________________
(١) رواه من طرق : البخاري في الخمس باب ١ ، وفضائل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم باب ١٢ ، والمغازي باب ١٤ و ٣٨ ، والنفقات باب ٣ ، والفرائض باب ٣ ، والاعتصام بالكتاب والسنّة باب ٥. ومسلم في الجهاد حديث ٤٩ و ٥٠ و ٥١ و ٥٢ و ٥٤ و ٥٦. وأبو داود في الإمارة باب ١٩. والترمذي في السير باب ٤٤. والنسائي في الفيء باب ٩ و ١٦. ومالك في الكلام حديث ٢٧. وأحمد في المسند (١ / ٤ ، ٦ ، ٩ ، ١٠ ، ٢٥ ، ٤٧ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٦٠ ، ١٦٢ ، ١٦٤ ، ١٧٩ ، ١٩١ ، ٢ / ٤٦٣ ، ٦ / ١٤٥ ، ٢٦٢).