الله تعالى (قلم اينجا رسيد سر بشكست) (١) انتهى موضع الحاجة من كلامه.
وهذه العبارة كما ترى صريحة في كون أفعال العباد لا تكون اختيارية لهم بل يكونون مجبورين وفي عين الحال مختلفة ومضطربة فتارة : يرى ان المؤثر في افعالهم الارادة الازلية ، واخرى يرى ان المؤثر الشقاوة الذاتية والسعادة الذاتية ويعترف صريحا بأن القدرة الالهية لا تتعلق بالذاتيّات ويشير بهذا البيان الى قولهم ما جعل الله المشمشة مشمشة بل أوجدها.
وبعبارة واضحة : ان الله خلق السعيد والشقي والمؤثر في الفعل الحسن والقبيح السعادة الذاتية والشقاوة كذلك.
وفي آخر الكلام يعجز عن حل الاشكال ويتوسل الى قوله (قلم اينجا رسيد سر بشكست). ويرد على ما أفاده : ان الاشكال ناش من الالتزام بكون الارادة أمرا غير اختياري وكونها من صفات الذات وأما لو قلنا ان الارادة من الافعال بلا فرق بين ذات الواجب والممكن وان الافعال الاختيارية كلها تنتهي الى الارادة والارادة بنفسها تحت القدرة ، لا يتوجه الاشكال.
نعم يبقى في المقام شيء وهو ان صاحب الكفاية افاد : بأن القبيح الذي يصدر من الانسان يكون ناشيا من سوء السريرة وسوء السريرة أمر ذاتي والذاتي لا يعلل واستشهد بما ورد عنهم عليهمالسلام بأن (السعيد سعيد في بطن أمه ، والشقي شقي في بطن أمه) (٢) و (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة) (٣) فكل فعل حسن صادر من المكلف منشؤه سعادته وكل قبيح يصدر منه منشؤه شقاوته ، فلا مجال للسؤال فان الله لم يجعل المشمش مشمشا بل أوجدها.
وفي مقام الجواب عن هذه الشبهة يقع الكلام تارة فيما يقتضيه البرهان ،
__________________
(١) كفاية الاصول ، ج ١ ص ٥٢
(٢) سفينة البحار للقمى ، ج ١ ص ٧٠٩
(٣) الروضة من الكافى ، ج ٨ ص ١٧٧ ، الحديث : ١٩٧