وأما حديث الناس معادن كمعادن الذهبة والفضة ، فقد نقله المحدث القمى في المجلد الثاني من سفينة البحار (ص) ١٦٨ ويقول راوي الحديث ابو هريرة وهذا الحديث اولا ضعيف سندا ، وثانيا : لا يستفاد منه ان الناس مجبورون في أفعالهم بل يدل على أن المعادن كما انها تختلف من حيث الجودة والرداءة كذلك نفوس الناس مختلفة ، من حيث الغرائز المستودعة فيهم ولا يرتبط الحديث بما نحن بصدده ، هذا ما يرجع الى كلام صاحب الكفاية.
واما تلميذه المحقق الاصفهانى فقال : لا ريب عند اهل النظران مفاهيم الصفات ... الخ (١).
فان المستفاد من كلامه ان الارادة أمر غير اختياري بلا فرق بين ارادته تعالى وارادة العباد وبلا فرق بين الارادة الذاتية أو الفعلية من هذه الجهة ومن اراد الوقوف على على ما أفاده على نحو التفصيل فليراجع كلامه في الموضع الذي اشرنا اليه.
والجواب : ان الارادة كما تقدم منا امر اختيارى ، فان الوجدان اصدق شاهد على المدعى ، كما ان المستفاد من اللغة والاخبار كذلك.
وصفوة القول : ان الالتزام بالجبر يستلزم الالتزام بما ينافي الوجدان كما انه ينافى الآيات القرآنية ، والاحاديث الشريفة وما يستفاد من اللغة كما انه يستلزم الالتزام بكون ارسال الرسل وانزال الكتب عبثا ولغوا وان خلق الجنة والنار خلاف الحكمة وان العقاب بلا وجه وانه مصداق للظلم ، إلّا أن يقال ان القائل بالجبر قائل بأن جميع الموجودات دنيوية واخروية كلها امور خارجة عن الاختيار فلا مجال للبحث ولا مجال لبيان التوالى الفاسدة وقد قيل ان حمار الاشعري اشعر وأعقل منه لأن حماره حين يصل في الطريق الى نهر الماء يدرك انه يمكنه أن تقف ولا يديم في المشي ولا يقع في الماء وأما الاشعري فلا يدرك هذا المقدار.
__________________
(١) نهاية الدراية فى شرح الكفاية ، ج ١ ص ١٦٤ الى ١٧٣