كان المكلّف معذورا في مخالفته لها بالجهل ونحوه ، ففاعل المحرّم فاعل لمبغوض المولى مطلقا ، إلّا أنّه لو كان معذورا لا يصحّ عقابه عليه وإلّا يصح العقاب عليه ، وحينئذ نقول بعد ما ثبت أنّ ذات المحرّم مبغوض للمولى فكلّ من أوجد هذا العنوان المحرّم سواء كان بالمباشرة أو بالتسبيب فقد أوجد مبغوض الشارع ، وإيجاد مبغوض الشارع محرّم مطلقا ، فإن كان بالمباشرة كالدخول في المثال المذكور فيدل عليه النصّ والإجماع ، وإن كان بالتسبيب كالإدخال فبحكم العقل المستقلّ بعدم الفرق بين إيجاد مبغوض المولى بين المباشرة والتسبيب في استحقاق الذم والعقاب.
وبهذا الوجه يمكن التمسّك لحرمة حمل الغير على فعل المحرّم الواقعي في جميع الواجبات والمحرمات الواقعية وإن كان ذلك الغير معذورا لجهل أو نسيان أو إكراه ونحوها ، إلّا أن يكون العلم جزءاً لموضوع المحرّم فينتفي في صورة الجهل به ، فحمل الغير على شرب ما يزعمه الماء وأنّه خمر ، وكذا بعثه على وطء من يزعمها زوجته مع أنّها أجنبية وأمثال ذلك محرّم.
ولعلّ هذا هو السر والحكمة في حرمة الإعانة على الإثم ، لأنّ المعين ساع في حصول مبغوض المولى لا بالمباشرة بل بالتسبيب ، وحينئذ لا يبعد أن يقال : إنّ أدلة حرمة معاونة الإثم والعدوان شاملة لما نحن فيه كالإدخال في المثال المذكور ، فإن كان الداخل عالما مختارا فواضح ، وإن كان جاهلا أو ناسيا أو مكرها فهو وإن كان معذورا غير آثم إلّا أنّه فاعل للإثم الواقعي أي المحرّم الواقعي ، ولا يبعد إطلاق لفظ الإثم كلفظ المحرّم على المحرّم الواقعي والإدخال سبب لهذا الإثم وإعانة عليه ، بل يمكن التمسّك لما نحن فيه على هذا بأدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بناء على أنّ المنكر هو المنكر الواقعي كما هو ظاهر اللفظ لا المنكر المعلوم للفاعل على ما فهمه المشهور ، فيجب حمل الغير