تخلف الطريق عن الواقع وجب الأخذ به أيضا بمقتضى إطلاق الأمر ويبقى التناقض بحاله ، لا أقول إنّ مؤدّى الطريق على هذا يكون مطلوبا نفسيا لحكمة كونه موصلا إلى الواقع أحيانا أو غالبا ، لأنّه يخرج الطريق على هذا عن كونه طريقا بل يكون موضوعا واقعيا آخر في عرض الواقع ، لكن أقول وإن كان مأخوذا على وجه الطريقية للواقع إلّا أنّ سلوك هذا الطريق لازم على أي تقدير بمقتضى إطلاق الأمر بالطريق ، غاية الأمر أنّ وجوب متابعة الطريق وجوب غيري مقدمي لإدراك الواقع ، ففي مورد التخلّف عن الواقع يجتمع الوجوب الغيري والحرمة النفسية أو العكس ، وكما لا يجوز اجتماع الحكمين النفسيين كذلك لا يجوز اجتماع الحكمين الغيريين والمختلفين على ما بيّن في محلّه ، ومقايسة المجيب ما نحن فيه بالعذر العقلي ليس في محلّه ، لأنّ الحكم العقلي الخطائي هناك لا يمكن أن ينسب إلى الشارع حتى يلزم التناقض في حكمه ، بخلاف ما نحن فيه فإنّ وجوب العمل بمؤدّى الطريق مطلقا مقتضى كون الطريق مجعولا للشارع مطلقا ، فيلزم التناقض في حكم الشارع.
فإن قلت : يلزم مثل هذا التناقض في العذر العقلي أيضا لمكان الملازمة بين حكم العقل والشرع بعد فرض أنّ العقل قد حكم بخلاف الواقع خطأ.
قلت : مورد القاعدة ليس إلّا الأحكام الصحيحة للعقل لا مطلق أحكامه حتى أحكامه الخطائية.
فتحصّل : أنّ الأحكام الظاهرية لا بدّ أن تكون أحكاما شرعية في مقابل الأحكام الواقعية ، ويبقى التناقض بحاله.
ودعوى أنّ جعل الأحكام الظاهرية معناه كون الشيء كخبر الواحد أو الاستصحاب مثلا طريقا إلى الواقع عند الشارع ، ولا يستفاد من مجرّد ذلك