سقوط الواجب بالاشتباه ، ومع ذلك لو رخّص الشارع بترك أحدهما لا محذور فيه في حكم العقل ، لا بمعنى جعل الآخر بدلا عن الواقع على تقدير المخالفة بل بمعنى عدم المؤاخذة على ترك الواقع لو تخلّف ، مع كون الواقع مطلوبا مطلقا لكن في صورة المخالفة ليس منجّزا على المكلف بحيث يترتّب عليه العقاب ، وفي الحقيقة موضوع حكم العقل في هذا القسم خاصّ وإلّا فحكمه ليس معلّقا في موضوعه ، إذا تمهّد ذلك فنقول :
إن أراد بقوله : وليست طريقيته قابلة لجعل الشارع أنّ كاشفيته غير قابلة للجعل الشرعي فهو كذلك ، ضرورة كونها مجعولة أو منجعلة بجعل تكويني لازمة لوجود القطع توجد بوجوده كما مرّ في الحاشية السابقة ، لكن لا كرامة في ذكره ولا يلائمه ما سيأتي من الاستدلال بلزوم التناقض.
وإن أراد أنّ حجّيته غير قابلة للجعل كما هو الظاهر بل المتيقّن من مراده ، ففيه أنّ العقل لا يحكم أزيد من وجوب متابعة القطع لو لا ردع الشارع عنه ، فإذا جاز للشارع الردع عنه فهو قابل للجعل نفيا.
والحاصل أنّ القطع حجّة يجب متابعته بحكم العقل المستقلّ المولوي أو الإرشادي ما لم يمنع الشارع عن العمل به أو يرخّص العمل بغيره من دليل تعبّدي أو أمارة ، فلو منع عن العمل به أو جعل طريقا آخر في قباله فلا يحكم العقل حينئذ بوجوب متابعته لارتفاع موضوعه ، ولهذه الدعوى شواهد في العرف والشرع يقرّبها إلى الأذهان :
منها : ما لو أمر المولى عبده بشراء البطيخ الحلو الجيّد مثلا وقال اعتمد في معرفة أنّه حلو جيّد بقول زيد ولا تعتمد برأيك فإنّه كثير الخطأ ، فإنّا نجد صحّة هذا التكليف وجعل الطريق الظني ومنع الطريق العلمي للمصلحة في طريق العقل