الزمن الثاني كجريانه في الزمن الأول بعينه فحكم الزمن الثاني معلوم بالدليل لا بالأصل ، فهذا حقّ إلّا أنّ ما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، لأنّ عدم الحجية المستصحب لم يثبت بهذا الحكم العقلي الذي نتكلّم عليه ، بل بالعلم بأنّ جميع الحوادث مسبوق بالعدم.
وإن أراد أنّ قاعدة الاشتغال مقدم على استصحاب الاشتغال ، لأنّ موضوعها مجرّد الشك بالتقريب السابق ، ففيه ما مرّ من منع التقدم إن لم يكن الأمر بالعكس ، ولعله إلى ذلك أشار بقوله فافهم.
قوله : ومنها أنّ الأصل هي إباحة العمل بالظن لأنّها الأصل في الأشياء (١).
(١) التحقيق في جوابه أن يقال : لو كان الشك في ثبوت الحرمة النفسية للعمل بالظن أو عدمها كان التمسك بأصالة الإباحة في محلّه ، لكن الكلام في ثبوت الحرمة الغيرية التي تعبر بعدم الحجية وعدم لزوم المتابعة ، ومن المعلوم أنّ أصالة الإباحة لا مسرح لها في هذا المقام ، فإذا حصل الظن بشرطية شيء للصلاة أو جزئية شيء لها فأيّ معنى لأصالة إباحة العمل بالظن هنا ، فهل ترى أنّ أصالة الإباحة قاضية بأنّ ذلك الشيء شرط أو جزء أو ليس بجزء ولا شرط.
قوله : وفيه على تقدير صدق النسبة أوّلا : أنّ إباحة التعبّد بالظن غير معقول (٢).
(٢) توضيحه : أنّه يجب على المكلف في كل واقعة أن يبني على شيء إما الظن أو الأمارة أو الأصل ، بعد العلم بأنّ الله تعالى لم يتركه سدى ، ثم العمل بمقتضى
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٢٨.
(٢) فرائد الأصول ١ : ١٢٨.