قوله : ولا معنى لتردد العقل في موضوع حكمه وأنّ الذي حكم هو بوجوبه تحصيل مطلق الاعتقاد أو خصوص العلم (١).
(١) يريد به كما صرّح في غير موضع أنّ العقل يلاحظ جميع خصوصيات الموضوع مما له دخل في ثبوت الحكم ثم يحكم عليه ، وحينئذ لا معنى لتردده في موضوع حكمه ، إذ مع هذا التردد لا حكم له ، وقد بنى على هذا الأصل أمورا كثيرة منها ما نحن فيه ، ومنها عدم تصوير كون نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة كما أشار إليه هنا وسيأتي في محلّه مفصّلا. ومنها عدم تصوير استصحاب حال العقل قد صرّح به في رسالة الاستصحاب ، إلى غير ذلك.
لكن يرد عليه : أنا إذا راجعنا وجداننا نجد أنّه يجوز أن يحكم العقل بشيء على موضوع مجمل لا يعرف جميع حدود الموضوع وخصوصياته مثل أن يحكم فيما نحن فيه بأنّ العمل على الاحتمال المرجوح والمساوي غير جائز بل يجب تحصيل اعتقاد والعمل عليه ، وأما أنّ العمل على هذا الاعتقاد الراجح هل يجب أن يكون مختصا بالاعتقاد الجازم أو أعم منه ومن الظن فلا يحكم به نفيا وإثباتا.
وبالجملة : يجوز أن يحكم بشيء وهو وجوب الاعتقاد الراجح والعمل عليه ولا يحكم بشيء وهو وجوب الاعتقاد العلمي والعمل عليه فقط ، ولعل المتأمّل في نظائر المقام لا يخفى عليه ما ذكرنا ، مثلا يجوز أن يحكم العقل بقبح الكذب في الجملة ، وأما أنّ هذا القبح في خصوص الكذب الضار أو أعمّ منه ومن النافع فلا يحكم به.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٣٠.