في الواقع ولو كان مجهولا ، فالعمل بالظن المشكوك الحجية مخالفة قطعية للأصل أو العموم المقابل كما ذكره المصنف ، هذا.
ولكن يمكن توجيه الإيراد على المصنف بوجه آخر وهو أن يقال : لو أغمضنا عن حكم العقل المستقلّ بعدم حجية الظن المشكوك الحجية ، وأنّ الاشتغال اليقيني موجب للبراءة اليقينية كما هو مبنى الجواب الثاني ، كان المتعيّن التمسك بذيل أصل الاشتغال المثبت لتعيين الرجوع إلى القطع لإثبات عدم جواز الاعتماد على الظن كما ذكره القائل ، لا ما ذكره المصنف من أنّ العمل بالظن موجب لطرح الحجة ، وإلّا فإن قلنا بأنّ الأصل في مقام دوران الأمر بين التعيين والتخيير هو البراءة المقتضي للتخيير بين العمل بالظن والعمل بالقطع ، فهذا الأصل وارد على الأصل المقابل ، لأنّ هذا الأصل قد أثبت حجية الظن ، وعلى تقدير حجيته دليل وارد على الأصل المقابل كالقطع. لا يقال : إنّ أصل البراءة لا يقدّم على العموم أو الاستصحاب على ما تقرّر في محلّه بل الأمر بالعكس ، لأنّا نقول : هذا إذا لم يكن الشك في العموم أو بقاء المستصحب ناشئا عن الشك في مجرى أصل البراءة ، والشك فيما نحن فيه في العموم المقابل أو بقاء المستصحب ناش عن الشك في حجية الظن المفروض ، فلو جرى أصالة البراءة في الشك السببي وثبت حجية الظن به يرتفع الشك في المسبب ولا يبقى مورد لجريان أصل العموم أو الاستصحاب ، ألا ترى أنّ من صلّى بلا سورة مثلا مع الشك في جزئيتها يحكم بصحة الصلاة المذكورة وحصول فراغ الذمة على القول بالبراءة في الشك في الجزئية والشرطية ، ولا يعارض أصل البراءة باستصحاب اشتغال الذمة بالصلاة في أول الوقت ، والسر فيه ما ذكر من انّ الشك في الفراغ وعدمه ناش عن الشك في الجزئية ، وبعد جريان أصالة البراءة في السبب يرتفع الشك عن المسبب ولا يبقى مجرى لاستصحاب الاشتغال ،