اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ حصول القطع لهم في جميع الظواهر غير معلوم بل معلوم العدم ، ولم يكن باب العلم منسدا عليهم بالنسبة إلى الباقي ، لأنّه كان يمكنهم تكرار السؤال حتى يحصل لهم القطع بالحكم ، ولكن كانت سيرتهم مع هذا الحال العمل بالظواهر الظنية وكان أئمتهم (عليهمالسلام) مع علمهم بالحال يقرّرونهم على ذلك ، بل ربما يأمرونهم به بمثل خذوا معالم دينكم من فلان وفلان ، فيكشف ذلك عن جواز عملهم بالظواهر التي سنح فيها بعض الاختلال ، وذلك يكفينا في إثبات حجية الظواهر بالخصوص.
قوله : وإن قلنا بشمول الخطاب للغائبين لعدم جريان أصالة عدم الغافلة في حقّهم مطلقا (١).
(١) أيّ مانع من جريان أصالة عدم الغافلة في حقّ الغائبين لو كانوا مخاطبين ومقصودين بالإفهام بعد وجودهم ووصول الخطاب إليهم ، بل لعلّهم أولى بعدم الغافلة عن مدلول الكلام لمكان سعيهم وبذل وسعهم وكثرة اجتهادهم في فهم مداليل الخطابات حتى أنّهم يصنّفون الكتب في ذلك ويبالغون في التأمل وتدقيق النظر ، وما ذكره في بيان ردّ التفصيل من قوله : لأنّ الظن المخصوص إن كان هو الحاصل من المشافهة الناشئ عن ظن عدم الغافلة والخطأ إلى آخره ، مدفوع بعدم كونه من هذا ولا من ذاك ، بل من جهة كون الغائبين مخاطبين مقصودين بالتفهيم ، وقبح خطاب ما له ظاهر وإرادة غيره ، مع عدم نصب قرينة يعقلها المخاطب الغائب.
نعم ، لو قيل إنّ الظن المخصوص هو الحاصل للمخاطبين على تقدير عدم حصول الاختلال للظواهر وقد حصل ، لكان وجها وجيها.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٦٦.