ليس بعلم ، وأكثر الأخبار المدّعى تواترها لأجل حصول العلم من هذا القبيل ، حيث لو تأمّل فيه مع تخلية الذهن عن التقليد يرتفع الوثوق عنها ، انتهى (١).
__________________
(١) وقد بالغ السيد الأستاذ في توضيح الإشكال وتقريبه إلى الأذهان حتى أنّه (دام بقاه) حكم بأنّ جلّ مباحث هذا الباب بل كلّها الذي أطنب فيها الأصوليون كلامهم خال عن الفائدة والثمرة العملية بعد ما عرفت من أنّ المتواترات الموجودة في أيادينا غالبا أو جميعا من قبيل هذا القسم الذي ورد عليه الإشكال ، فمدار حجيتها حصول العلم الفعلي بعد التأمل التام في الأطراف.
وبالجملة : كلما حصل القطع كان حجة من أيّ سبب كان ، وربما يكون بعض هذه الأخبار المدّعى تواترها مفيدا للعلم بانضمام القرائن وانضمام الأدلة الأخر ، لكن ليس ذلك من جهة التواتر المصطلح.
أقول : لا وقع للإشكال المذكور أصلا ، لما عرفت سابقا من أنّ إفادة التواتر للعلم عادية مستندة إلى تعاضد الأخبار بعضها بعضا وتراكم الظنون حتى ينتهي إلى العلم ، ولا شكّ أنّه لو أخبر زيد عن فلان إلى آخر السلسلة بوقوع واقعة في زمان كذا يحصل في أذهاننا ظنّا ولو كان في غاية الضعف بوقوع تلك الواقعة مستندا إلى ذلك الخبر المعنعن ، فإذا أخبر عمرو بنظير إخبار زيد معنعنا بوقوع الواقعة قوي ذلك الظن في الجملة ، وهكذا يقوى الظن بإخبار السلسلة الثالثة والرابعة والخامسة إلى أن ينتهي إلى حد العلم ، وإنكار هذا المعنى مكابرة ، وحصول العلم من كثرة هذه الأخبار المعنعنة لا من غيرها من القرائن أو الحدس السابق معلوم ، وتسمية الخبر الكذائي بالمتواتر واضحة معروفة ، فأين ذلك الإشكال الصعب الذي ألجأ ذلك المحقق المتبحّر في فنون العلوم والصناعات أن يميل إلى مذهب السمنية والبراهمة؟
والعجب أنّه في المناهج أشار إلى ما ذكرنا كما نقلناه عنه في ذيل الشرط الخامس فتذكّر. وما ذكر من أنّ المناط حصول العلم من أيّ سبب كان ، قلنا نعم ولكن الغرض أنّ التواتر من أسبابه النوعية العادية المضبوطة لا يختلف باختلاف الموارد والأشخاص حتى يحال على حصول العلم الفعلي ، وبه يصحّ إلزام الخصوم وإبطال شبهة المبطلين من أهل الملل والنحل بحيث لا يبقى لهم ملجأ إلّا الاعتراف بالحق واعتقاد الصواب أو الانحراف إلى جهة المكابرة والعناد حتى يعرف ذلك منهم كل عارف ، ومنه يتمّ الحجة على كل