قوله : وثالثا أنّه قد فسر الآية بأنّ المراد نهي المؤمنين عن نفر جميعهم إلى الجهاد (١).
(١) يرد عليه : أنّ هذا التفسير لا حجية فيه ، مع أنّه خلاف ظاهر الآية ، إذ الظاهر أنّ ضمائر الجمع في قوله (لِيَتَفَقَّهُوا) وفي قوله (لِيُنْذِرُوا) وفي (قَوْمَهُمْ) وفي (رَجَعُوا) كلها راجعة إلى الطائفة النافرين لا إلى الفرقة باعتبار من تخلّف منهم لأقربيتها لفظا ومعنى كما لا يخفى.
وكيف كان فقد عرفت أنّ الأوجه في تقريب الاستدلال أن يقال : دلّت الآية على جواز الحذر عند إنذار المنذر المتفقّه مطلقا ، وهذا القدر كاف في قال قول السيد بمنع الجواز ، وهذا من غير فرق بين دعوى انسلاخ لعل عن معنى الترجي وعدمه وكون التفقه والانذار والحذر غاية للنفر أو فائدة ، وكون النفر للجهاد أو للتفقّه ، وكون النافر هو المتفقّه أو المتخلّف.
وبالجملة : لا حاجة إلى إثبات وجوب الحذر بهذه الوجوه العليلة التي قد عرفت ما فيها.
قوله : الأول : أنه لا يستفاد من الكلام إلّا مطلوبية الحذر عقيب الانذار بما يتفقّهون (٢).
(٢) محصّل الجوابين الأوّلين : أنّ الآية لم يظهر كونها في مقام جعل الطريق التعبّدي ، بل في مقام إراءة الطريق الواقعي والإرشاد إليه ، إلّا أنّه تعالى أوجب التفقّه والانذار وسيلة إلى حصول العلم للمنذر بالفتح بأحد التقريبين المذكورين
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٢٧٩.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٢٨٢.