إفادة الوجوب ، وهذا بخلاف العذاب والفتنة الدنيويين فإنّه لا يصير منشأ لوجوب الفعل الموجب لهما شرعا ، فإذا أوجب الحذر عما يوجبهما كشف عن وجوب دفع الضرر المظنون.
وفيه ما لا يخفى إذ يكفي في إفادة الوجوب الأمر بالحذر على التقدير الأول ولا يحتاج إلى انضمام الاخبار بالعقاب.
ثم إنّ دلالة الآية بل سائر الآيات على وجوب دفع الضرر المظنون محلّ نظر بل منع ، لأنّها آمرة بوجوب الحذر عن مخالفة الأمر ، ولا بدّ من العلم بالمخالفة حتى يحكم عليها بترتب العذاب والفتنة ، وكذا لا بدّ من العلم بحصول التهلكة حتى يشمله نهي لا تلقوا ، وهكذا في الباقي كما لا يخفى على من تأمّلها.
ثم إنّه يستفاد من تمسك المصنف لإثبات الكبرى بالأدلة الشرعية تقرير الحاجبي على ابتناء حكم العقل بها على التحسين والتقبيح ، وقد عرفت عدم الابتناء.
قوله : أو يريد أنّ المضار غير الدنيوية وإن لم يكن خصوص العقاب مما دل العقل والنقل على وجوب إعلامها على الحكيم (١).
(١) إنّ المضرّة الاخروية إن كانت مفسدة غير العقاب ، فإن كان ترتبها مقيدا بالعلم كما هو أحد الاحتمالين السابق ذكرهما فهي منتفية لفرض عدم العلم بها ، وإن كان ترتبها غير مقيد بالعلم فيجب على الشارع الحكيم إعلامها من باب اللطف ببيان واصل إلى المكلف ، بل وكذا المضار الدنيوية التي انسد طريق علمنا به ، فإذا لم نجد بيانا لثبوت المفسدة نحكم بعدمها أو تداركها على ما مرّ بيانه
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٧٠.