بيان ، والمفروض في الشبهة الموضوعية ثبوت البيان من الشارع لما هو من وظيفته وهو بيان أصل الحكم ، وإنّما المجهول موضوع الحكم الذي ليس بيانه وظيفة الشارع ، وهذا واضح.
وأما في الشبهة الحكمية فإن علم بعدم البيان من الشارع وعلم أيضا أنّه لم يكن مانع عن البيان فلا ريب أنّ العقل يحكم بعدم العقاب ، بل يحكم بعدم الحكم في الواقع وإلّا لزم الإخلال بالحكمة الذي نقول بقبحه واستحالته من الشارع الحكيم ، أما إذا لم نعلم بعدم البيان واحتملنا صدور البيان اللازم واختفاءه لظلم الظالمين كما هو حالنا في مثل هذه الأزمنة بالنسبة إلى الأحكام الشرعية ، أو لم نعلم بعدم المانع عن البيان واحتملنا وجود مانع عن البيان من تقية ونحوها ، فالإنصاف أنّ العقل لا يحكم بقبح العقاب على محتمل الوجوب والحرمة ، وإن قلنا بأنّه لا يحكم بوجوب الاحتياط أيضا.
نعم يدل على البراءة حينئذ الأدلة الشرعية المذكورة في محلّها وهو كلام آخر ، ولما ذكرنا مثال في العرف وهو أنّه لو فرض بالنسبة إلى الموالي والعبيد العرفيين أنّ العبد كان ملازما لحضرة المولى في الخلأ والملأ ، وعلم العبد بعدم تحقق مانع للمولى في بيان أوامره ونواهيه من خوف أو حياء ونحوه فلا يجوز للمولى مؤاخذة هذا العبد بعدم إتيانه ما هو مراده ، مع أنّه لم ينبّه مع قدرته على البيان ، ولو عاقبه على ذلك لذمّه العقلاء ذما شديدا ، وأما إذا احتمل العبد أنّ المولى يريد منه كذا لكن منعه مانع من الأمر به من خوف من أحد أو حياء فلا يبعد أن يقال إنّ عقله يحكم بوجوب الاحتياط ، ولو عاقبه المولى على أنّه لم يأت بمراده لا يلام على ذلك ، وكذا إذا كان العبد غائبا عن حضرة المولى وأرسل إليه طومارا مشتملا على أوامر ونواه واتفق أنه بلغ الطومار حادثة قد انمحى منه بعض رسمه واحتمل العبد أو ظن أنّ المولى يريد منه الشيء الفلاني