ويرد عليه : أنّ قضية المقدمة الثانية على ما استنتج منها حجية الظن بالواقع فقط دون الظن بالطريق على ما هو مختاره كما سيأتي بيانه في المتن ، وسيأتي هناك أيضا أنّ نتيجة دليل الانسداد حجية الظنّ بالواقع والظن بالطريق كليهما ، وسرّه منع المقدمة الثانية لعدم انحصار طريق معرفة الأحكام الواقعية بالعلم بها بل الطريق المجعول شرعا أيضا طريق إليها. نعم الطريق الأصلي المنجعل منحصر فيه لكن سلوكه بالخصوص غير لازم حتى مع الإمكان لو فرض وجود الطريق المجعول أيضا.
قوله : أما المقدمة الأولى فهي بالنسبة إلى انسداد باب العلم في الأغلب غير محتاجة إلى الإثبات (١).
(١) يعني أنّ ثبوت هذه المقدمة وجداني ، فإنّ من راجع وجدانه في أمثال زماننا يجد قلة معلوماته التفصيلية في الأحكام الشرعية ، وكذا المظنونات بالظن الخاص عند من لم تثبت عنده حجية مقدار منها يكفيه في الأحكام بحسب الميزان السابق ذكره ، لكن التصديق بذلك يتوقف على استفراغ الفقيه وسعه في جميع أبواب الفقه وبذل جهده في تحصيل العلم بالمسائل والظن الثابت الحجية عنده بها ، ثم ملاحظة مجموع ما حصل له من العلم والظن الخاص بالمسائل ومقايسته مع العلم الإجمالي بالتكاليف ، فيجد حينئذ عدم حصول المقدار الكافي أو حصوله ، وربما يجد الفقيه هذا المعنى من نفسه قبل سيره في الفقه على ما ذكرنا بالحدس لقلة أسباب العلم والعلمي عنده نوعا ، وهذا أيضا كاف لو حصل والناس يختلفون في ذلك اختلافا كثيرا ، فليتأمل الفقيه حتى لا يلتبس عليه الأمر.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٨٦.