فإن قيل : إنّ الذي أخذ جزءاً للموضوع هو القطع الوجداني لا القطع التنزيلي.
قلت : دليل حجية الأمارة يوجب توسّع الموضوع بالتنزيل على ما مرّ بيانه سابقا.
أقول : والإنصاف أنّ الإشكال بعد باق بحاله ، لما مرّ سابقا من أنّ الظاهر من أدلّة الأمارات بل الأصول هو التنزيل الطريقي فقط وإن قلنا بإمكان جعلها على وجه تفيد التنزيل الطريقي والموضوعي معا إلّا أنّه خلاف مفاد الأدلّة ، وحينئذ فلا مناص في مقام تصحيح كلام المصنف من صحّة قيام الأمارات مقام القطع المأخوذ في الموضوع على وجه الطريقية إلّا بالتزام أنّ مفاد أدلّة الأمارات جعل الأمارة قائما مقام القطع طريقا وموضوعا ، أو بالتزام أنّ المأخوذ في الموضوع هو العلم بمعنى مطلق الانكشاف سواء كان واقعيا أو تنزيليا ، بل لا محيص عن الالتزام بأحدهما حتى مع قطع النظر عن تصحيح كلام المصنف ، لأنّا نعلم بانّ الشارع أخذ العلم على وجه الطريقية في الموضوع في مثل قوله : كل شيء أو ماء طاهر حتى تعلم أنّه قذر ، وكل شيء حلال حتى تعرف أنّه حرام ، ولا تنقض اليقين إلّا بيقين مثله ، وأمثال ذلك ، مع أنّه يقوم سائر الأمارات والأصول مقامه بلا خلاف ولا إشكال من أحد ، فإنّ ما قامت البيّنة على نجاسته أو حرمته لا يحكم عليه بالطهارة والحلّية الظاهرية قطعا ، هذا (١).
__________________
(١) أقول : يمكن دفع الإشكال بوجه أحسن وأتمّ بأن يقال : بعد فرض أنّ الأمارة تقوم مقام القطع الطريقي ويثبت مؤدّاه بحكم الشارع تنزيلا ، يحصل القطع الوجداني بثبوت مؤدّى الأمارة فيحصل الموضوع الذي نريده ، مثلا إذا قامت البيّنة على نجاسة هذا الشيء مثلا يحكم بأنّه قذر بحكم الشارع ، فيتوسّع بذلك موضوع القذر شرعا عمّا هو قذر في الواقع ،