سددتم طريق العمل بأخبار الآحاد فعلى أي شيء تعولون في هذه الفتاوى الموجودة عنكم في الفقه كله ، فأجاب بأنا نعتمد على الضرورة والإجماع والأخبار المتواترة أو المحفوفة بالقرائن القطعية ، ولا مفهوم لهذا الكلام بأنّه لو لم يكن لنا هذه الأدلة القطعية كنّا نرجع إلى الخبر الواحد الظني ، وعلى تقدير صحة دلالة كلامه على عدم الرجوع إلى البراءة الكلية وكذا سائر الكلمات التي ذكرها بعد كلام السيد لا ينفع فيما نحن بصدده ما لم ينته إلى حد الإجماع ، ولا إجماع كما عرفت في ردّ الوجه الأول من الوجوه الثلاثة.
قوله : فإن قلت إذا فرضنا أنّ ظن المجتهد أدّى في جميع الوقائع إلى ما يوافق البراءة (١).
(١) يمكن تقرير السؤال بوجه أحسن قريب الوقوع ، وهو أنّه لو أدّى ظن المجتهد إلى ما يوافق البراءة في موارد يعلم إجمالا بوجود واجب أو حرام فيها على نحو الشبهة المحصورة فما يصنع ، ولا يخفى أنّ هذا غير ممتنع الوقوع لا عقلا ولا عادة ، ولا يجري الجواب الثاني الآتي عليه ، فلا بدّ أن يجاب بالوجه الأول إن تم أو الوجه الثالث.
قوله : لأنّ الظن بالسالبة الكلية يناقض العلم بالموجبة الجزئية (٢).
(٢) وكذا يناقض الظن بالموجبة الجزئية ، كما أنّ العلم بالسالبة الكلية يناقض العلم بالموجبة الجزئية.
ويمكن أن يجاب عن هذا الوجه : بأنّ حصول الظن بالبراءة في جميع الوقائع تدريجا لا ينافي العلم الإجمالي بالتكليف في بعض مواردها ، بل
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٩٦.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٩٧.