الشبهات الحكمية لا الموضوعية على ما عرفت وجهه عسرا وحرجا ، وإن حصل له مورد كان العمل بالاحتياط فيه حرجا يرفع اليد عنه في خصوص ذلك المورد ، وأين هذا من رفع اليد عن الاحتياط مطلقا حتى في غير مورد الحرج والعمل بالظن كما هو المدّعى.
وإن أريد الحرج النوعي كما هو ظاهر المتن وغيره ممن تمسّك في المقام بأدلة رفع الحرج فيكون معنى رفع العسر والحرج رفع الحكم الذي يكون ثبوته حرجا في حق نوع المكلف ، فيكون هذا الحكم مرفوعا حتى بالنسبة إلى من لا يكون حرجا عليه.
ففيه أوّلا : أنه لا دليل على هذه الكلية القائلة برفع الحكم الذي يكون حرجا نوعا ، وما يتوهم بل قيل من دلالة بعض الآيات والأخبار عليه مثل قوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١) وقوله : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٢) ورواية عبد الأعلى المذكورة في المتن على وجه وغيرها في محل المنع ، بل الظاهر منها أنّ الأحكام المجعولة في الشريعة ليست حرجيا نوعا وما كان حرجا نوعا لم يجعل الشارع ، لا أنّ الأحكام المجعولة يرفع اليد عنها في مواردها التي تكون حرجا نوعا. والحاصل أنّ الحرج حكمة لعدم جعل بعض الأحكام وعدمه حكمة لجعل بعضها ، لا علة يدور الحكم مدارها ، وستأتي لهذا زيادة توضيح إن شاء الله تعالى عن قريب.
وثانيا : يرد على التمسك بالحرج في رفع الاحتياط هنا ما أورده المصنف في التمسك بالحرج في رفع الاحتياط في الشبهة غير المحصورة ، فإنّه بعد
__________________
(١) الحج ٢٢ : ٧٨.
(٢) البقرة ٢ : ١٨٥.