إليه نظره ، فإن صحّ الاحتمال الأول تمّ جواب المصنف لأنّ حكم جميع المكلفين باعتقاد المجتهد الذي يرى انسداد باب العلم مع بقاء التكليف هو الاحتياط لو لم يمنع منه مانع ، فإذا كان الاحتياط حرجا في نفسه وباعتبار تعلّمه يكون حكم الجميع هو العمل بالظن بحسب اعتقاد ذلك المجتهد وإن لم يقلّده أحد ، وإن قيل بالاحتمال الثاني فالمقلد قبل التقليد لا حكم له قبل التقليد سوى نفس الحكم الواقعي الأوّلي ، لأنّ مؤدى الأصل حكم لخصوص من أدّى إليه نظره ومن قلده وهو ليس بأحدهما ، فلو سألت المجتهد المذكور أنّ حكم هذا المقلد الذي لم يقلّدك أو قلّد غيرك هل هو ما أدى إليه نظرك من الاحتياط بعد انسداد باب العلم باعتقادك ، فيقول لا بل ما أدى إليه نظري حكمي وحكم من قلّدني لا غير ، ويجوز للمقلد أن يقلّد غيري ممن يرى انفتاح باب العلم أو العلمي ، ولا يكون حكمه ما أدى إليه نظري من الاحتياط ثم الظن بعد كون الاحتياط حرجا في تعلّمه.
بقي الكلام في أنّ أي الاحتمالين أظهر فنقول : أما في الأمارات فالأظهر هو الاحتمال الأول ، لأنّ أدلة حجيتها مماثلة لأدلة ثبوت الأحكام الواقعية الأولية ، فخبر الواحد مثلا حجة مطلقا وطريق مجعول يجب تطبيق العمل على ما يفيده طابق الواقع أم لا ، لجميع المكلفين المجتهد والمقلد ، لكن المقلّد لمّا كان عاجزا عن استفادة مفاده ناب المجتهد منابه في استنباط مؤدّاه وإفتائه بما استنبطه للمقلّد ، وجاز للمقلد أخذه عن المجتهد والعمل عليه بأدلة جواز التقليد.
نعم لو اعتبر في موضوع دليل الأمارة وصفا غير متحقق في حق المقلّد أو مجتهد آخر فلا ريب أنّ الحكم لا يعمّهما مثل ما لو قيل : إنّ الخبر حجة لمن ظنّ بمفاده ظنّا فعليا ، وبعبارة أخرى : حجة لخصوص الظانّ بمضمونه منه ، فمن لم يحصل له الظن من الخبر من مجتهد آخر أو المقلد ليس حكمه مؤدى الخبر