غرضه أنّه منفي لكونه حرجا ولا يمكن تحقق الحرج في الحكم ، بل المراد أنه حرج فيكون داخلا تحت عموم قوله سبحانه : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١) فلا يحكم بخلافه إلّا أن يوجد له مخصص ولا مخصّص لهذا الحكم ، وأكثر تلك الاحتجاجات عنهم إنّما وقع في مقام الرد على العامة العمياء.
وفي كلا الجوابين نظر : أما التخصيص فلأنّ عمومات رفع الحرج آبية عن التخصيص بحسب سياقها.
وأما الجواب الثاني عن الإشكال الأول فلا نفهم منه معنى محصل إلّا أن يريد أنه تعليل صوري وقع في مقابل العامة إلزاما عليهم ، ووجه رفع الحكم شيء آخر غير الحرج لا نعلمه ولم ينبه الإمام (عليهالسلام) أيضا.
وأجاب المحقق القمي (٢) عن الإشكال الثاني في آخر أصل البراءة بأنّ المراد بنفي العسر والحرج نفي ما هو زائد على ما هو لازم لطبائع التكاليف الثابتة بالنسبة إلى طاقة أوساط الناس الخالين عن المرض والعجز والعذر ، بل هي منفية من الأصل إلّا فيما ثبت وبقدر ما ثبت.
والحاصل : أنّا نقول إنّ المراد أنّ الله سبحانه لا يريد بعباده العسر والحرج والضرر إلّا من جهة التكاليف الثابتة بحسب أحوال متعارف الأوساط وهم الأغلبون ، فالباقي منفي سواء لم يثبت أصله أصلا أو ثبت ولكن على نهج لا يستلزم هذه الزيادة.
وفيه : أنّ حمل الآيات على رفع الحرج الزائد على ما تقتضيه طبيعة التكاليف ينافي ما استشهد فيه الإمام (عليهالسلام) من الأخبار في رفع أصل
__________________
(١) الحج ٢٢ : ٧٨.
(٢) قوانين الأصول ٢ : ٤٩ ـ ٥٠.