الحكم بالحرج ، فإنّه في مقام عدم جعل الحكم نوعا لكونه حرجا في أصله ، فلا بدّ أن يراد عدم جعل الحكم الذي في أصله حرج حتى بالنسبة إلى ما يقتضيه طبيعة ذلك الحكم كما اعترف به في شمولها في مقام الدفع أيضا.
والحاصل : أنّه إن أريد من عدم جعل الحرج في الدين الحرج الزائد عن طبيعة التكليف فلا يشمل مقام الدفع ، وإن أريد رفع مطلق الحكم الحرجي لشمول مقام الدفع لم يتم الجواب وبقي الإشكال بحاله ، ولم يمكن إرادة كلا المعنيين معا كما هو واضح.
وأجاب عن الإشكال السيد بحر العلوم في فوائده بعدم كون التكاليف الواردة في الشريعة من مثل الحج والجهاد والزكاة من الحرج ، فإنّ العادة قاضية بوقوع مثلها والناس يرتكبون مثل ذلك من دون تكليف ومن دون عوض كالمحارب للحمية أو بعوض يسير كما إذا أعطي على ذلك أجرة فإنا نرى أنّ كثيرا يفعلون ذلك بشيء يسير.
وبالجملة : فيما جرت العادة بالاتيان بمثله والمسامحة وإن كان عظيما في نفسه كبذل النفس والمال فليس ذلك من الحرج في شيء ، نعم تعذيب النفس وتحريم المباحات والمنع عن جميع المشتهيات أو نوع منها على الدوام حرج وضيق ومثله منتف في الشرع.
وفيه : أنّ منع تحقق الحرج في مثل الحج والزكاة سيما الجهاد في غير المحل قطعا بأيّ معنى حمل الحرج ، وارتكاب الناس مثلها لملاحظة الأهم في نظرهم لا يخرجها عن موضوع الحرج فإن تحمل الناس أقوى أفراد الحرج كقطع بعض أعضائهم أحيانا إبقاء للحياة وتوقفه عليه مما لا ينكر ، ومع ذلك عسر وحرج عليهم أيّ حرج.