خمر ثبت بهذا الخبر أنّه خمر تنزيلا لا أنّه خمر معلوم حتى يتحصّل به موضوع الحكم.
نعم ، يمكن جعل الموضوع تنزيلا بنحو آخر كأن يقول الشارع مثلا : الظنّ علم أو بمنزلة العلم كما يمكن جعل سائر الموضوعات غير العلم مثل ما ورد من أنّ «الطواف بالبيت صلاة» (١) والتيمم وضوء (٢) ونحو ذلك ، وحينئذ فالمراد من عدم قيام الأصول والأمارات مقام هذا القسم من القطع الموضوعي أنّ هذه الأصول والأمارات الموجودة المجعولة بهذا النحو بأدلّتها الخاصّة لا تقوم مقامه ، لا أنّه لا يمكن جعل ما يقوم مقامه ولو على نحو التنزيل الموضوعي كما ذكرنا وسيشير إليه المصنف أيضا.
والحاصل أنّ الأصول والأمارات التي تقوم مقام القطع الطريقي لا تقوم مقام هذا القسم من القطع الموضوعي ، وما يمكن أن يقوم مقام القطع الموضوعي لا يقوم مقام القطع الطريقي إذ كيفيّة الجعل فيهما مختلفة كما عرفت.
فإن قلت : هل يمكن جعل الأمارة على وجه تقوم مقام القطع الطريقي والموضوعي بلسان واحد كأن يقول مثلا : الظن بمنزلة العلم ، ويريد به أنّ مؤدّى الظن كمؤدّى العلم فيما إذا كان القطع مأخوذا على وجه الطريقية ، وصفة الظن كصفة العلم فيما إذا كان مأخوذا على وجه الموضوعية.
قلت : قد يقال أو قيل : لا يمكن ذلك للزوم استعمال اللفظ في المعنيين
__________________
(١) المستدرك ٩ : ٤١٠ / أبواب الطواف ب ٣٨ ح ٢.
(٢) لم نجده بلفظه وإنما ورد مضمونه في الوسائل ٣ : ٣٨١ / أبواب التيمم ب ٢١ ح ١ ، والصفحة ٣٥٤ ب ٩ ح ٦. نعم ورد في دعائم الإسلام ١ : ١٢٠ ما نصه «التيمم وضوء الضرورة».