الفتوى في موارد الاحتياط بمظنوناته ، فلا يعقل البقاء على تقليده أو العدول عنه بل لا معنى لتقليده.
وفيه : أنّ القائل بالتبعيض يفتي بذلك ، ويكون فتواه وجوب الاحتياط في المظنونات دون الموهومات ، وذلك نظير فتواه بالاحتياط في الشبهة المحصورة ، وما ذكرت من الخلو عن الفتوى إنما يتصور في موارد تردّد الفقيه وتوقفه بالمرة وأخذه بالاحتياط لحسنه العقلي ومن جهة إدراك الواقع به كيف كان.
وسادسها : ما أشار إليه المصنف (رحمهالله) في آخر كلامه من قوله : ويحصل مما ذكر إشكال آخر أيضا من جهة أنّ نفي الاحتياط بلزوم العسر لا يوجب كون الظن حجة ناهضة لتخصيص العمومات الثابتة بالظنون الخاصة ومخالفة سائر الظواهر الموجودة فيها انتهى. يعني وأما على القول بحجية الظن فهو دليل كسائر الأدلة يخصص به العمومات ويقيد به المطلقات ويرتكب بها خلاف ظاهر الأدلة من الجهات الأخر.
وأورد عليه : بأنّه على القول بحجية الظن أيضا لا ينهض لتخصيص العمومات ومخالفة سائر الظواهر الثابتة بالظنون الخاصة ، لأنّ حجية الظن بدليل الانسداد مشروطة بعدم وجود الظن الخاص في مورده وإن كان عموما أو إطلاقا كما علم ذلك في تحرير المقدمة الأولى من مقدمات دليل الانسداد.
وهذا الإيراد وارد على الظاهر ، لكن يمكن أن يقال : إنّ مراد المصنف أيضا من العبارة التي حكيناها هو ما أفاده المورد بعينه من أنه مع الإغماض عن أنّ المقدمات المذكورة مع تسليمها لا تنتج إلّا تبعيض الاحتياط وقلنا بأنّها منتجة للظن في الجملة لا تنتج حجية الظن المطلق مطلقا بحيث يكون مخصصا