وأيضا نقول : إنّ هذا البيان لا يرفع المنافاة بين الاحتياطين في مثال المتن ، لأنّ وجوب الاحتياط في المسألة الفرعية يقتضي عدم جواز ترك السورة في المثال ، ووجوب الاحتياط في المسألة الأصولية يعني الأخذ بالأمارة القائمة على عدم وجوبها يقتضي جواز ترك السورة فتنافيا (١).
وأيضا نقول : ما ذكره في وجه الجمع بين الاحتياطين إنّما يتم في المثال الذي ذكره مما كان الاحتياط الفرعي مقتضيا لوجوب الاتيان والاحتياط الأصولي مقتضيا لعدم وجوب الاتيان ، وأما إذا كان أحد الاحتياطين مقتضيا للوجوب والآخر مقتضيا للحرمة كما لو فرض في المثال المذكور أنّ الأمارة قامت على حرمة السورة فلا يمكن الجمع بين الاحتياطين البتة.
وأيضا نقول : إنّه لا وجه للاحتياط في المسألة الأصولية في المثال المذكور الذي فرض قيام الأمارة على عدم وجوب السورة ، لأنّ الاحتياط في المسألة الأصولية أعني أخذ الأمارة لاحتمال كونها حجة لا معنى له إلّا تطبيق العمل عليها برجاء أنها الحجة المجعولة واقعا ، فإن كانت الأمارة مثبتة للتكليف فمعنى الاحتياط بالنسبة إليها متحقق ويفيد ما يراد من الاحتياط ، وأما إذا كانت الأمارة نافية للتكليف فالأخذ بالأمارة مساوق لعدم الأخذ بها بالنسبة إلى العمل ، إذ لا عمل أخذ بالأمارة أو ترك الأخذ بها. نعم في صورة عدم الأخذ يلزم ترك الالتزام بالأمارة ، وهو غير محذور في ترك الأمارة المعلومة الحجية فضلا عن الأمارة المحتملة الحجية ، فهذه إيرادات أربعة والله الهادي إلى سواء السبيل.
__________________
(١) أقول : مراعاة احتياط المسألة الفرعية يعني الاتيان بالسورة لا يخالف الاحتياط في المسألة الأصولية يعني مراعاة مؤدى الأمارة ، إذ عدم الوجوب يجمع جواز الاتيان ولا ينافي نفس الإتيان ، ولعل هذا مراد المتن فاندفع الإيراد.