الأصوات بالنسبة إلى ما صدر عن اللسان ، وأما الأعمال والأفعال الصادرة عن الجوارح الأخر فتمكن إراءتها لشخص الإنسان ولغيره من أهل المحشر يوم تبلى السّرائر كما يرونها في تلفزيونات ، فنعوذ بالله من فضائح يوم القيامة اللهمّ لا تفضحنا فيها.
٢٥ ـ (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ ...) أي جزاءهم المستحق (وَيَعْلَمُونَ) علما وجدانيا لمعاينتهم في ذلك اليوم حقائق الأمور وواقعها على ما هي عليه (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) أي هو الثابت بذاته والظاهر بألوهيّته. وقيل التقدير : ذو الحق المبين أي ظاهرة عدالته في ذلك اليوم على جميع الخلائق ، فينتقم للمظلومين من الظالمين ، ويعطي المحسن والمسيء جزاءهما بلا زيادة أو نقيصة على مراتبهم. فمن كان هذا شأنه ينبغي أن يتّقى منه ويجتنب من زواجره ونواهيه وتتّبع أوامره. ولا يخفى أن الآيات الواردة في باب الإفك أغلظ آيات نزلت في الكتاب تهديدا وتخويفا للآفكين. ولو أن أحدا يقلّب جميع الآيات القرآنية التي نزلت في العصاة وفي تخويفهم وتهديدهم لما وجد آية أغلظ مما ورد في باب الإفك فإنّها مشحونة بوعيد شديد وعقاب بليغ وزجر عنيف واستعظام لارتكاب الإفك واستفظاع للإقدام عليه على طرق مختلفة وأساليب متفاوتة بحيث كل واحد منها يكفي في باب الزجر والوعيد ، كما أنه جعل القاذف ملعونا في الدّنيا والآخرة. واستفاد بعضهم من هذه أن القاذف أسوأ حالا من الكافر ، لأن الكافر تقبل توبته ، في حين أنّه يؤخذ من هذه الكريمة أن القاذف لا تقبل منه التوبة ، وليس هذا إلّا لعظم أمر الإفك مطلقا ، وبالأخص في مورد النزول للاهتمام بحريم سيّد البشر وخاتم الرسل. والحاصل أن الغرض من فرط المبالغة في المقام هو إظهار علوّ منزلة سيّد الأنبياء والرسل ، فمن أراد أن يطّلع على علو شأن سيد ولد آدم فليتأمّل في الآيات النازلة في باب القذف. واعلم أنّ الله تعالى برّأ ثلاثة نفر بثلاثة أشياء : برّأ يوسف عليهالسلام بلسان شاهد (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) وبرّأ مريم عليهاالسلام